على المفهوم تكلف لا شاهد له.
نعم ، ذكر بعض الأعاظم قدّس سرّه ـ بعد الاعتراف بما ذكرنا ـ تقريبا آخر لدلالة الآية على المفهوم ، قال مقرر درسه : «هذا ، ولكن الإنصاف انه يمكن استظهار كون الموضوع في الآية مطلق النبأ والشرط هو مجيء الفاسق به من مورد النزول ، فإن موردها ... إخبار الوليد بارتداد بني المصطلق ، فقد اجتمع في إخباره عنوانان : كونه من الخبر الواحد ، وكون المخبر فاسقا ، والآية الشريفة إنما وردت لإفادة كبرى كلية ، لتمييز الأخبار التي يجب التبين عنها عن الأخبار التي لا يجب التبين عنها ، وقد علق وجوب التبين فيها على كون المخبر فاسقا ، فيكون الشرط لوجوب التبين هو كون المخبر فاسقا ، لا كون الخبر واحدا ، إذ لو كان الشرط ذلك لعلق وجوب التبين في الآية عليه ، لأنه بإطلاقه شامل لخبر الفاسق ، فعدم التعرض لخبر الواحد وجعل الشرط خبر الفاسق كاشف عن انتفاء التبين في خبر غير الفاسق. ولا يتوهم أن ذلك يرجع إلى تنقيح المناط ، أو إلى دلالة الإيماء ، فإن ما بيناه من التقريب ينطبق على مفهوم الشرط ...».
وفيه : أنه لم يتضح الوجه في رجوع ما ذكره لمفهوم الشرط ، كما لم يتضح دخل مورد النزول بما ذكره ، لوضوح أن المفهوم تابع لتركيب القضية ، وقد اعترف بأنه لا يقتضي المفهوم ، ومورد النزول داخل في القضية سواء كان لها مفهوم أم لم يكن.
وغاية ما يمكن به تقريب ما ذكره : ما أشار اليه من دعوى ورود الآية لتمييز الأخبار التي يجب التبين عنها عن غيرها ، إذ لو تم ذلك رجع إلى حمل الآية على التحديد والحصر ، ولا إشكال في أن تحديد الخبر الذي يجب التبين عنه بخبر الفاسق يقتضي حجية غيره وعدم وجوب التبين عنه ، من دون فرق بين الجملة الشرطية وغيرها.
لكن الشأن في استفادة ذلك من الآية بنفسها أو من مورد نزولها ، إذ