نعم ، الإشكال المذكور موقوف على عموم التعليل لمورد المفهوم ، وهو لا يخلو عن إشكال ، بل منع ، فإن حمله على مطلق العمل مع عدم العلم بالواقع لا يناسب مقام التعليل الذي ينبغي فيه أن يكون ارتكازيا صالحا لبيان وجه الحكم وتقريبه إلى ذهن السامع ليذعن به ويقتنع بمضمونه ، كما لا يناسب خصوصية الفسق التي هي من الخصوصيات الارتكازية في التوقف عن الخبر.
بل المناسب للأمرين الحمل على خصوص الجهل الذي لا يرى العقلاء الاقدام معه ، لعدم وجود ما يصلح لأن يعتمد عليه ويطمئن اليه ، كما لو لم يكن هناك إلا خبر الفاسق ، فتقديم عموم التعليل على المفهوم ، إنما هو بالإضافة إلى ما يشبه خبر الفاسق في ذلك ، كخبر العدل غير الضابط ، دون خبر العدل الضابط الذي يصح الركون إليه والاعتماد عليه عند العقلاء ، بل التعليل يقصر عنه.
كما يقصر عن خبر الفاسق الثقة المأمون عليه الكذب وإن كان داخلا في المنطوق ، ولعل وجه ذكر الفاسق غلبة كونه من القسم الأول ، مع التنبيه والتأكيد على فسق المخبر في مورد النزول.
ونظير ما ذكرنا ما لو قيل : لا تستعمل الدواء الذي تصفه لك النساء لأنك لا تأمن ضرره ، فإنه لا يتوهم عموم التعليل فيه لما يصنعه الطبيب الحاذق غير المعصوم من الخطأ ، وإنما يعم ما يصفه غير الأطباء من الرجال ، كما يقصر عما تصفه النساء الطبيبات الحاذقات ، وليس وجه ذكر النساء إلا غلبة تصدي غير الطبيبات منهن لوصف الدواء ، أو الابتلاء بهن في مورد الخطاب.
ويشهد بما ذكرنا ـ مضافا إلى ذلك ـ التعقيب بالندم ، الظاهر في المفروغية عن ترتب الندم على خبر الفاسق ، لا الحكم به تأسيسا ، ومن الظاهر أن الندم لا يكون بنظر العقلاء بمجرد فوت الواقع ، بل مع التقصير فيه المستلزم لتفريع النفس وتأنيبها ، ولا تقصير في العمل بخبر العادل المذكور.
ومنه يظهر حال ما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه في تقريب الإشكال : من أن