وابنه (١) ، لاحتمال خصوصيتهم عندهم عليهم السّلام واطلاعهم على عدم خطئهم أو ندرته بنحو يمتازون به عن غيرهم من الرواة ، وإن كانوا مثلهم بنظر الناس في الوثاقة. ومجرد التعبير عنهم بأنهم ثقاة ، أو السؤال من الأئمة عليهم السّلام عن وثاقتهم لاجل العمل بروايتهم ، لا يشهد بعموم حجيّة خبر الثقة ، لأن الثقة من الامور الإضافية التي تختلف باختلاف الأشخاص ، فرب رجل ثقة عند شخص غير ثقة عند آخر ، والروايات المذكورة إنما تدل على حجية خبر من هو ثقة عند الأئمة عليهم السّلام لا من هو ثقة عند المكلف الذي هو محل الكلام.
ولذا كانت الشهادات المذكورة رافعة للأشخاص المشهود لهم إلى مراتب عالية تقارب العصمة في التبليغ ، وليست كشهادة سائر الناس بالوثاقة.
ومن هنا يظهر عدم صحة الاستشهاد بما في التوقيع الشريف : «فإنه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما يرويه عنا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنا نفاوضهم سرنا ونحملهم إياه إليهم» (٢) ، فإنه وارد في ثقاتهم عليهم السّلام كسفرائهم وخواصهم ، لا مطلق من يثق به الإنسان.
ومثله في ذلك ما عن تفسير العسكري عليه السّلام في بيان التمسك بالقرآن : «هو الذي يأخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت وعن وسائطنا السفراء عنا إلى شيعتنا» (٣) ، لعدم وضوح كون المراد بالسفراء مطلق ثقاة الرواة من الشيعة ، بل لعلهم خصوص المنصوبين من قبلهم عليهم السّلام.
نعم ، لو ورد ما يدل على جواز الأخذ من الثقة كان ظاهرا في إيكال تشخيصه إلى المكلف نفسه كما هو الحال في بعض نصوص الطائفة الاولى.
الطائفة الثالثة : ما يدل بنفسه على المفروغية عن حجية خبر الواحد في
__________________
(١) تراجع النصوص المتضمنة لذلك باب ١١ من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤.
(٣) الوسائل ج ١٨ باب : ٥ من أبواب صفات القاضي ، حديث : ٨.