القرائن في جميع هذه المسائل دعوى محالة.
ومن ادعى القرائن في جميع ما ذكرناه كان السبر بيننا وبينه ، بل كان معولا على ما يعلم ضرورة خلافه ، مدافعا لما يعلم من نفسه ضده ونقيضه. ومن قال عند ذلك : اني متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما كان يقتضيه العقل ، يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام ، ولا يحكم فيها بشيء ورد الشرع به ، وهذا حدّ يرغب أهل العلم عنه ، ومن صار إليه لا يحسن مكالمته ، لأنه يكون معولا على ما يعلم من الشرع خلافه» (١).
وقد وافقه في نقل إجماع الاصحاب غير واحد ، منهم السيد رضي الدين ابن طاوس قدّس سرّه ففي محكي كلامه الذي رد به على السيد قدّس سرّه : «ولا يكاد تعجبي ينقضي كيف اشتبه عليه أن الشيعة (لا) يعمل بأخبار الآحاد في الأمور الشرعية ، ومن اطلع على التواريخ والأخبار ، وشاهد عمل ذوي الاعتبار ، وجد المسلمين والمرتضى وعلماء الشيعة الماضين عاملين بأخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين ، كما ذكر ذلك محمد بن الحسن الطوسي في كتاب العدة وغيره من المشغولين بتصفح أخبار الشيعة وغيرهم من المصنفين».
ومنهم العلامة قدّس سرّه ، ففي محكي النهاية : «ان الأخباريين منهم لم يعولوا في اصول الدين وفروعه إلا على أخبار الآحاد ، والأصوليون منهم ، كابي جعفر الطوسي عمل بها ، ولم ينكره سوى المرتضى وأتباعه لشبهة حصلت لهم».
ومنهم المجلسي ، حيث ادعى ـ كما عن بعض رسائله ـ تواتر الأخبار وعمل الشيعة في جميع الأعصار على العمل بخبر الواحد.
بل قد يظهر من السيد المرتضى قدّس سرّه الاعتراف بعمل الأصحاب بخبر الواحد ، إلا أنه لا يعول عليه ، لأنه من الأمور المشتبهة ، فعن محكي كلامه في الموصليات أنه قال : «إن قيل : أليس شيوخ هذه الطائفة عولوا في كتبهم في
__________________
(١) العدة : ج ١ ص ٥١.