يعتمد على حديثه وروايته ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذموا المذموم ، وقالوا : فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذاب ، وفلان مخلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي وغير ذلك من الطعون التي ذكروها ، وصنفوا في ذلك الكتب ، واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارستهم ، حتى أن واحدا منهم إذا أنكر حديثا نظر في إسناده وضعفه بروايته ... فلو لا أن العمل بما يسلم من الطعن ويرويه من هو موثوق به جائز لما كان بينه وبين غيره فرق ، وكان يكون خبره مطرحا مثل خبر غيره ، فلا يكون فائدة لشروعهم في ما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق ، وترجيح الأخبار بعضها على بعض. وفي ثبوت ذلك دليل على صحة ما اخترناه» (١).
ومنها : تصريح جمع من قدماء الأصحاب ومتأخريهم بما يظهر منه المفروغية والتسالم على العمل بخبر الواحد في الجملة ، فعن الصدوق قدّس سرّه في الفقيه في ذيل أخبار سهو النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال : «فلو جاز ردّ هذه الأخبار الواقعة في هذا الباب لجاز رد جميع الأخبار ، وفيه إبطال الدين والشريعة».
وعن المحقق في المعتبر أنه قال في مسألة خبر الواحد : «أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر .. واقتصر بعضهم من هذا الافراط فقال : كل سليم السند يعمل به ، وما علم أن الكاذب قد يصدق ، ولم يتنبه على أن ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب ، إذ ما من مصنّف إلا وهو يعمل بالخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل ...».
وعن الشهيد في الذكرى والمفيد الثاني ولد الشيخ الطوسي : أن الأصحاب قد عملوا بشرائع الشيخ أبي الحسن علي بن بابويه عند إعواز النصوص تنزيلا لفتاواه منزلة رواياته. قال شيخنا الأعظم قدّس سرّه : «ولو لا عمل
__________________
(١) العدة : ج ١ ص ٥٣.