الشبهات للأصول الترخيصية. فلاحظ.
الوجه الثاني : مما يستشكل به في الدليل العقلي المذكور : أنه لا ينهض بإثبات حجية الأخبار ليرفع به اليد عن العمومات والإطلاقات وغيرها من الظواهر الواردة في الكتاب المجيد والسنة المتواترة ، وعن الأصول العقلية والشرعية.
ويندفع بأن الاخبار حينئذ وان لم تنهض بالخروج عن الظهورات والحكومة على الأصول بعد فرض حجيتها ، إلا أن العلم الإجمالي بصدور الأخبار المتضمنة للاخبار الإلزامية يكون مانعا عن حجية الظهورات والأصول المذكورة ، لأن العمل بها معه يكون مؤديا إلى المخالفة الإجمالية للتكاليف المنجزة في ضمن الأخبار ، وذلك موجب لسقوط الظهور والأصل عن الحجية.
الوجه الثالث : أن الوجه المذكور لما كان مختصا بالأخبار المتضمنة للاحكام الالزامية فلا مجال للعمل بالأخبار المتضمنة للأحكام الترخيصية ، والخروج بها عن الظواهر المشتملة على التكاليف وعن الأصول الإلزامية ، بل يلزم حينئذ الاحتياط بالعمل على طبق الظواهر والأصول المذكورة ، لأنه وإن علم بالخروج عنها إجمالا ، إلا أنه لا يكفي في إهمالها بعد العلم إجمالا بعدم الخروج عنها في كثير من الموارد ، بل يجب الاحتياط في جميع الموارد التي لم يعلم بالخروج عنها فيها تفصيلا.
وهذا بالإضافة إلى لزوم الاحتياط في جميع الأخبار الإلزامية قد يستوجب الحرج الملزم بالرجوع للظن على التفصيل الآتي في دليل الانسداد.
على أن الوجه المذكور إنما يقتضي العمل بالخبر احتياطا ، لا لحجيته في نفسه الذي هو محل الكلام ، والذي تقتضيه بقية الأدلة المتقدمة من الكتاب والسنة والإجماع ، فلا ينبغي التعويل عليه معها ، لأنها في رتبة متقدمة عليه ، إذ هي تقتضي تشخيص ما هو الحجة من الأخبار وحل العلم الإجمالي المذكور