وقد تحصل من جميع ما ذكرنا : أن مقدمات الانسداد لا تقتضي العمل بالظن في مثل المقام مما لم تتنجز فيه التكاليف على كل حال ، بل تقتضي الرجوع اليه مع تنجز التكليف على كل حال وتعلق غرض المكلف بتحصيل الواقع ، كما في موارد التقصير في الفحص.
بل لا يبعد في مثل ذلك عدم اعتماد العقلاء على ما هو من سنخ الحجج بنظرهم لو فرض عدم إفادته الظن أو مخالفته له ، كما لا يعتمدون عليها مع التمكن من العلم بحصول الغرض ، وإنما يرجعون إليها مع التمكن من العلم أو بدونه في مقام التعذير والتنجيز المختص بباب التكاليف ، لأن قيام ما هو الحجة موجب لعدم تنجز التكليف لو فرض مخالفته للحجة ، فلا يتعلق الغرض بإصابته على كل حال ، ليرجع إلى الظن. فتأمل جيدا.
ثم إن شيخنا الأعظم قدّس سرّه قد أطال في تنبيهات المسألة بما لا مجال لإطالة الكلام فيه بعد ما عرفت من عدم تمامية أصل الدليل ، فإنه تطويل من غير طائل.
ولنكتف بهذا المقدار ، وبه ينتهي الكلام في مباحث الحجج ، والحمد لله تعالى على أن وفقنا لذلك ، وله الشكر كثيرا.
وكان الفراغ منه ضحى الخميس ، الرابع من شهر جمادى الثانية ، سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وتسعين ، لهجرة سيد المرسلين صلّى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا ، في النجف الأشرف ، ببركة الحرم المشرف ، على مشرّفه أفضل الصلوات وأزكى التحيات. بقلم العبد الفقير (محمد سعيد) عفي عنه ، نجل العلامة حجة الإسلام السيد (محمد علي) الطباطبائي الحكيم دامت بركاته.
ونسأله تعالى صلاح الحال ، وخير المال إنه أرحم الراحمين.
وقد انتهى تبييضه بيمنى مؤلفه الفقير ليلة الأربعاء ، العاشر من الشهر المذكور ، من السنة المذكورة. ومنه تعالى نستمد العون والتوفيق.