نعم ، قد تكون فائدة الاستدلال تنبيه الوجدان وحمله على استيضاح المرتكز الذي قد يغافل عنه أو يلتبس عليه لبعض الشبه التي قد تثار حول الموضوع ، فالعمدة هو الوجدان المترتب على الاستدلال ، لا الاستدلال نفسه.
وحينئذ فنقول : التأمل في المرتكزات العقلية قاض بأن الملاك في استحقاق العقاب التمرد على المولى وهتك حرمته ومجاهرته بذلك ، وكل ذلك حاصل مع المعصية الحقيقية والتجري بنحو واحد ، وخصوصية إصابة القطع الواقع في الأول غير دخيلة ارتكازا في موضوع استحقاق العقاب.
وبعبارة اخرى : مبنى ثبوت الحقوق العقلية والعرفية هو ثبوتها بنحو يقتضي عدم التعمد لمخالفتها ، فيعدّ المقدم على ذلك مخالفا لمقتضى الحق وإن كان مخطئا في اعتقاد ثبوته ، ولا يختص ذلك بحق المولوية ، بل يجري في غيره ، كحق الابوة والاخوة والصداقة والإحسان وغيرها ، فمن اعتقد أن صديقه مريض فتسامح في عيادته عدّ مخالفا لمقتضى حق الصداقة وحوسب حساب المخالف وإن كان مخطئا في اعتقاد مرضه.
ودعوى : أنه لا بد في استحقاق العقاب على الفعل من مبغوضيته للمولى وقبحه ، وأنه لا معنى للعقاب على ما لا يبغضه المولى ، فضلا عما يحبه ، كما لو صادف التجري موافقة تكليف واقعي غير مقصود.
مصادرة ، بل لما كان الاستحقاق في المعصية بحكم العقل فالملاك فيه ارتكازا ما ذكرنا ، الذي لا يفرق فيه بين الموارد المذكورة. على أنه سيأتي أن ذلك موجب لاتصاف الفعل المتجرى به بنحو من القبح هو الملاك في استحقاق العقاب.
وهذا بخلاف ما إذا كان المكلف في مقام التمرد من غير طريق التجري ، كما لو كان بحيث لو قدر لعصى ، فإنه لا يستلزم شيئا من ذلك ، لعدم ابتنائه على المجاهرة للمولى وهتك حرمته ، وإن كان هو قبيحا في نفسه.