المذكور ، فتكون معصية حقيقية لا تجريا. وأما رجاء عدم الإصابة فلا ينافي جعلها بوجه ، كما لا يخفى.
هذا ، وقد يدعى عدم تحقق التجري في الصورة المذكورة ـ كما يظهر من بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه ـ لا بالإضافة إلى الحكم بجعل الطريق ، لما عرفت ، ولا بالإضافة إلى الواقع ، لعدم ابتناء الإقدام على مخالفته وهتك حرمة المولى بالإضافة إليه ، بل ليس فيه إلا الخروج عن مقتضى قاعدة دفع الضرر المحتمل ، فلا يقتضي ترتب العقاب إلا في صورة الوقوع في الحرام لا غير.
لكن الإنصاف : أن مجرد رجاء عدم تحقق المعصية مع عدم المؤمّن لا ينافي تحقق ملاك التجري من تجاهل المولى وهتك حرمته ، فإن مقتضى لزوم احترامه والفناء فيه الاهتمام بطاعته مع الاحتمال المنجز. نعم الملاك المذكور بمرتبة ضعيفة تتفاوت شدة وضعفا تبعا لضعف الاحتمال وقوته.
ثم إن شيخنا الأعظم قدّس سرّه قد اعتبر في صدق التجري مع عدم العلم عدم كون الجهل عذرا شرعا عقلا. قال قدّس سرّه : «وإلا لم يتحقق احتمال المعصية وإن تحقق احتمال المخالفة للحكم الواقعي ، كما في موارد أصالة البراءة ، واستصحابها».
ولا إشكال في تمامية ما ذكره إذا كان الإقدام استنادا إلى العذر المذكور ، سواء كان برجاء عدم مخالفة التكليف الواقعي ، أم لعدم الاهتمام بذلك ، أم برجاء مخالفته ، كما لو شرب محتمل الخمرية برجاء أن يكون خمرا قد رخص الشارع ظاهرا في شربه ، إذ لا محذور في الرغبة في مخالفة الواقع بالنحو المرخص به شرعا ، وليس فيه تمرد على المولى ولا هتك لحرمته ، بل هو مبني على الاهتمام به والتقيد بما رسمه.
أما إذا لم يكن الإقدام مستندا إلى العذر ، إما للجهل بكونه عذرا ، أو لعدم الاهتمام بالتكليف الشرعي الواقعي وعدم المبالاة بمخالفته لا عن عذر ، فلا