بل لا معنى لابتناء الارتكاز والسيرة المذكورين على التنزيل المذكور ، إذ التنزيل إنما يتجه في الأحكام المستفادة من الأدلة اللفظية ، حيث يكون الفرض منه تسرية الحكم الثابت بحسب ظاهر الدليل للعنوان إلى الفاقد له ، كما في : الطواف بالبيت صلاة.
أما الأدلة اللبية فيغني قيامها على ثبوت الحكم لفاقد العنوان عن عناية التنزيل منزلته. وأما الاستصحاب فلا ظهور لدليله في التنزيل المذكور أيضا ، بل لا يستفاد منه إلا وجوب البناء على مقتضى اليقين في حال الشك على ما يأتي الكلام فيه في محله إن شاء الله تعالى.
ومما ذكرنا هنا وفي الوجه الأول يظهر حال ما ذكره سيدنا الأعظم قدّس سرّه من ظهور أدلة الاعتبار في التنزيلين معا ، أعني تنزيل الطريق منزلة العلم وتنزيل المؤدى منزلة الواقع المعلوم.
ويأتي تمام الكلام في ما ذكره قدّس سرّه عند الكلام في قيام الطرق مقام القطع الموضوعي.
وثانيا : أن التنزيل منزلة العلم إنما يصح بلحاظ الآثار العملية الشرعية للعلم لو فرض أخذ العلم موضوعا في بعض الآثار ، لا بلحاظ الآثار التكوينية أو العقلية له ، لوضوح أن الاولى تابعة لأسبابها ، والثانية تابعة لموضوعاتها الواقعية ولا تقبل التصرف الشرعي بجعلها على موضوع آخر ، ولازم ذلك عدم قيامها مقام القطع الطريقي ، مع أن قيامها مقامه هو المتيقن من أدلة جعلها ، وهو كاشف عن عدم ابتناء جعل الطرق على تنزيلها منزلة العلم بعناية اشتراكها معه في الأحكام الشرعية الثابتة له ، بل لو فرض ظهور الأدلة في تنزيل الطرق منزلة القطع فلا بدّ ، إما من ..
دعوى : أنه راجع إلى تنزيل المؤدى منزلة الواقع بأن يلحظ القطع والطريق في مقام التنزيل بما هما آلة لمتعلقيهما وطريق لملاحظته من دون