الأول قضية خبرية واقعية لا ترجع إلى تنزيل خبرهما منزلة العلم شرعا في قبال تنزيل ما يؤديانه منزلة الواقع ، بحيث يكون في المقام تنزيلان تعبديان مستقلان أولهما واقعي يرجع إلى سعة موضوع الحكم الوارد على العلم وشمولاه للطريق ، والثاني ظاهري في طول الواقع لبيان الوظيفة العملية حال الجهل به ـ بل سيقت للتمهيد للثاني ببيان موضوعه ، ولذا فرع الثاني على الأول بالفاء ثم علله بما يرجع إلى الأول. فليس في المقام إلا الحكم بأن ما أدياه فعنه يؤديان.
وهو حينئذ إما أن يحمل على الحقيقة ـ كما هو الظاهر ـ فيقتضى الملازمة الواقعية بين خبر العمريين (رضوان الله عليهما) والواقع ، نظير قوله صلى الله عليه وآله : «علي مع الحق والحق مع علي» ويدل على عصمتهما (رضوان الله عليهما) في الأداء عنه عليه السّلام. أو على الادّعاء الراجع إلى الحكم على ما يؤديانه بأنه أداء عنه عليه السّلام تنزيلا ، فلا يقتضي إلا تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، كما تقدم في الوجه الأول. وحينئذ يتعين حمله على الكناية عن حجية خبرهما ، فيرجع إلى ما ذكرناه في الوجه الرابع ، وهو أجنبي عن تنزيل الطريق منزلة العلم في أحكامه الشرعية الخاصة به ، بنحو يقتضي ثبوتها له واقعا.
ومنه يظهر الحال في بقية أدلة الحجية النقلية ، فإنه ـ مضافا إلى عدم الإشعار فيها بالتنزيل بوجه ، كما أشرنا إليه آنفا ـ لا بد من حملها على حجية الطرق ، لأنه المرتكز عرفا ، كما تقدم في الوجه الرابع ، دون ما ذكره قدّس سرّه.
وأوضح من ذلك الأدلة اللبية ، لما أشرنا إليه في الوجه الثاني من أنه لا معنى للتنزيل فيها. فراجع وتأمل جيدا.
هذا حاصل ما تسنى لنا التعرض له من كلماتهم في المقام ، وقد جرينا فيه على ما يظهر منهم من أن جريان أحكام القطع الموضوعي مع قيام الطرق والأصول في طول جريانها مع القطع ، لكون الأحكام مختصة بالقطع ، فالتعدي منه إليها موقوف على كونها من أفراده التعبدية الجعلية ، أو الادعائية التنزيلية ،