وحيث عرفت عدم تمامية الأمرين معا يتعين البناء على عدم قيامها مقام القطع الموضوعي مطلقا ، كما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه في الكفاية ، خلافا لشيخنا الأعظم قدّس سرّه.
لكن التحقيق : أن ما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه من التفصيل في محله ، لأن فرض كون المأخوذ في الموضوع هو القطع بما هو طريق إلى الواقع راجع إلى أن الموضوع ليس هو القطع بنفسه ـ حتى يتوقف جريان أحكامه مع الطرق على تنزيلها منزلته أو جعلها من أفراده تعبدا ـ بل بما أنه أحد أفراد الطريق ، والموضوع الحقيقي هو مطلق الطريق كما تقدمت الاشارة إليه في تقسيم القطع الموضوعي ، وحينئذ فتكون الطرق الشرعية بمقتضى جعلها من أفراد الموضوع حقيقة بلا حاجة إلى عناية جعلها علما تعبدا أو ادعاء ، كي يتسنى إنكار ذلك.
ومنه يظهر توجه الإشكال على المحقق الخراساني قدّس سرّه ، فإنه مع تفسيره القطع المأخوذ على وجه الطريقية بما ذكرنا منع من قيام الطرق مقامه ، مع أنه لا إشكال في كونها طرقا للمتعلق فتكون من أفراد الموضوع حقيقة بلا حاجة إلى عناية التنزيل أو التعبد بكونها علما كما ذكرنا.
نعم ، قد تتوجه الحاجة إلى ذلك بناء على ما تقدم من بعض الأعاظم قدّس سرّه في تفسير القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الطريقية. فراجع.
إن قلت : أدلة الحجية إنما تقتضي التعبد بالمؤدى وإحرازه بلحاظ أثره ، للغوية التعبد بالشيء من دون لحاظ أثر عملي مترتب عليه ، والمفروض أن الأثر في المقام ليس مترتبا على المؤدى ، بل على نفس التعبد والإحراز ، فمع ترتب الأثر على المؤدى لا يصح التعبد به ، حتى يترتب أثر التعبد المذكور ويقوم مقام القطع الموضوعي.
قلت : يكفي في تصحيح اعتبار الحجية ورفع لغوية التعبد ترتب الأثر على نفس التعبد ، ولا يعتبر ترتب الأثر على نفس المؤدّى ، لأن الحجية ليست