فأدرك عثمان باشا في القصير وقد أمده محمد باشا ، فاشتبك الحرب بينهما وانجلى عن كسرة عثمان باشا والتجأ إلى حمص ، ورجع إبراهيم باشا إلى عكا وجدّ في حصارها حتى فتحها حربا في اليوم السابع والعشرين من ذي الحجة ، ثم توجه إلى دمشق فوصلها في حزيران سنة ١٢٤٨ ه والتقاه واليها علي باشا الأسعد ، وجرت بينهما وقعة انكسر فيها الوالي المشار إليه وعمد إلى الفرار ودخل إبراهيم باشا البلد واستولى عليها.
وكان في هذا الأثناء وصل إلى أنطاكية حسين باشا السردار الذي عينته الدولة مع عسكر ضخم لقتال إبراهيم باشا ، وقد أرسل حسين باشا طليعة إلى حمص. وعلى بعد نصف مرحلة منها التقى الجيشان وشبت بينهما نار حرب هائلة انتهت بانتصار إبراهيم باشا ورجوع حسين باشا ومحمد باشا إلى حلب خائفين مذعورين ، فدخلاها وجمعا الأعيان والوجهاء وطلبا منهم المدد فلم يجيبوهما ، فرحلا عن حلب وقد تركا فيها أموالا وأمتعة لا تدخل تحت حصر ، فنهبت جميعها ووقع الضعف فيمن معهما من العسكر فتبعهم أهل القرى وسلبوا أكثر ما كان معهم. وأما إبراهيم باشا فإنه بعد هذا الفوز توجه إلى حلب على طريق تل السلطان ودخلها بعد خروج الوزيرين المتقدم ذكرهما دون منازع ولا معارض ، وذلك في ثامن يوم من صفر سنة ١٢٤٨ الموافق اليوم السابع عشر من تموز سنة ١٨١٢ م فبقي بها مدة ثم نهض لقتال حسين باشا السردار وتوجه إلى جهة بيلان ، وذلك في اليوم السابع والعشرين من صفر المذكور ، وكان حسين باشا قد سد طريق الجبل على إبراهيم باشا فأرسل عسكرا صعدوه من جهة كلّز وأقام هو بواد قريب من الجبل.
ولما وصلت العساكر المذكورة والتقوا بعساكر حسين باشا علقت بينهم حرب شديدة كانت عاقبتها فوز إبراهيم وإقلاع حسين باشا إلى جهة قونيه ورجوع إبراهيم باشا إلى حلب. وبعد مدة سافر منها إلى أدنة ، وكانت قد سلمت إليه فخيم فيها بعسكره. ثم وردت له أوامر أبيه بالتقدم نحو قونية فامتثلها وشخص إلى قونية. وقبل دخوله إليها أخلاها أمين رؤوف باشا الصدر الأسبق ، فاستولى عليها إبراهيم بغير منازع ولا معارض بعد أن جرى له في الطريق بعض وقائع. ثم في اليوم السابع والعشرين رجب علقت نار الحرب بين الفريقين وكان عسكر كل منهما وافرا جدا. وبعد وقعات تشيب ناصية الوليد انتهت الحال بنصر إبراهيم وأسر رشيد باشا الصدر. ولما تفاقم الأمر توسط سفير فرنسة بالصلح بين