وفي سنة ٤٨٤ نزل أقسنقر مساعدا تتش صاحب دمشق ـ بأمر أخيه ملك شاه ـ على فتح حمص ، فملك تتش حمص وعرقة وأفامية. وفيها كان بالشام وغيرها زلازل كثيرة ففارق الناس مساكنهم وانهدم بأنطاكية كثير من المساكن وهلك تحتها عالم كثير وخرب من سورها تسعون برجا.
وفي سنة ٤٨٦ و ٤٨٧ طلب تتش السلطنة لنفسه بعد أن توفي أخوه ملك شاه مقتولا في السنة قبلها. واتفق تتش مع أقسنقر صاحب حلب وخطب له باغي سيان صاحب أنطاكية ، وبوزان صاحب الرها ، وفتح ـ ومعه أقسنقر ـ نصيبين عنوة ، وملك الموصل واستولى على ديار بكر وسار إلى أذربيجان وكان ابن أخيه بركياروق بن ملك شاه قد استولى على كثير منها ، فلما علم أقسنقر أن ملك شاه له ولد يصلح للسلطنة تخلى عن تتش ولحق ببركياروق ، فضعف تتش وعاد إلى الشام.
وكان أقسنقر قد جمع في الشام جموعا كثيرة وأمد بركياروق بالأمير كربغا ، فاقتتل مع تتش عند نهر السبعين قريبا من تل السلطان ، فانحاز بعض عساكر أقسنقر إلى تتش وانهزم الباقون ، وثبت أقسنقر فأسر ، فقال له تتش : لو ظفرت بي ما ذا كنت تصنع؟ فقال : كنت أقتلك. فقتله صبرا وسار إلى حلب وملكها وأسر بوزان وقتله ، وأسر كربغا وسجنه بحمص. واستولى على حرّان والرها ثم على البلاد الجزيرية.
ثم استناب على حلب أبا القاسم حسن بن علي الخوارزمي وسار لقتال ابن أخيه بركياروق فالتقيا بالري وقتل تتش في سنة ٤٨٨ فجاء ولده رضوان إلى حلب ولحقه جماعة من قواد أبيه ولحقه أخوه دقاق وكان مع رضوان أخوان صغيران أبو طالب وبهرام وكلهم مع أبي القاسم نائب أبيهم في حلب كالضيوف وهو المستولي على البلد. ثم كبس رضوان أبا القاسم ليلا واحتاط عليه ، ثم طيبّ قلبه فخطب لرضوان بحلب وكان مع رضوان باغي سيان صاحب أنطاكية ، فسار باغي إلى أنطاكية ومعه أبو القاسم الخوارزمي. وأما دقاق أخو رضوان فكاتبه والي قلعة دمشق سرا ليملّكه دمشق فسار إليها وملكها واستقر رضوان في حلب بلا منازع.
وفي سنة ٤٨٩ كان رئيس الأحداث بحلب رجلا يعرف بالمجنّ بركات بن فارس