الداعي عليه السلام يحمد الله تعالى ويثني عليه حيث إنّه فتح أبوابه لكلّ داعٍ بالسرّ والعلانيّة طالباً قضاء حاجته. لقد وضعت الملوك والسلاطين الحُجّابَ والحرّاس على أبوابها ، واشترطوا حصول الإذن منهم لمن أراد أن يدخل عليهم ، لكنّ الله سبحانه فتح الأبواب على مصاريعها للداعين والسائلين في كلّ وقت من دون مراجعة حاجب ولا إتيانٍ بشفيع.
الشَّفْع : ضمُّ الشيء إلى مثله ، ويقال للمشفوع : شفعٌ ، وفي كتاب الله قوله تعالى : (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (١).
والوَتْرُ : هو الله من حيث أنّ له الوحدة من كلّ وجه.
والشفاعة : الانضمام إلى آخَر ناصراً له وسائلاً عنه ، وأكثر ما يُستعمل في انضمام من هو أعلى حرمةً ومرتبةً إلى من هو أدنى ، ومنه الشفاعة في القيامة.
قال تعالى : (لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا) (٢) ، هذا ممّا ذكره الراغب في «المفردات» (٣).
إنّ مسألة الشفاعة من أكثر مواضيع علم الكلام تعقيداً وإشكالاً بين علماء الفنّ وأرباب الصناعة على اختلاف مذاهبهم ، والذي أتصوّره أنَّ المسألة ـ بعد طرح العصبيات ، ونبذ الخلافات المذهبيّة ـ هي من أوضح المباحث التي لا تحتاج إلى مثل هذه التشعّبات والفرضيّات والنقاشات ، فهذه المسألة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، نكاد نلمسها كلّ يوم في معاملات العُرف وعالم الاجتماع ، ناهيك عن جريانها بشكل أوضح في السنن التكوينيّة والقضايا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الفجر : ٣.
٢ ـ مريم : ٨٧.
٣ ـ مفردات غريب القرآن : ٢٦٣.