الطبيعيّة.
فنحن نرى مسألة الشفاعة التي هي نوع من الوساطة جارية في أبناء المجتمع الواحد ، وفي صالات المحاكم ومجالات الإصلاح بين المتخالفين ، وفي مرافق الدولة ، بل كانت الأمم الماضية والملل الوثنيّة تعتقد أنَّ لبعض المخلوقات نحوَ شفاعةٍ إلى الله ، فكانوا يعبدونها ويتقربون إليها بالنذور والذبائح لتقرّبهم إلى الله زلفى.
قال تعالى على لسانهم : (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ) (١).
إذن ، هذه المعبودات في نظرهم أسبابٌ تتوسّط بينهم وبين الله سبحانه ، وقد سفّه القرآن هذه الآراء الفاسدة ، وطالبهم بالرجوع إلى المعارف الحقّة.
لدينا في موضوع الشفاعة ثلاثة عناصر :
١ ـ المشفوع عنده ، وهو الله سبحانه.
٢ ـ الشفيع ، وهو الوسيط بين الله والعبد.
٣ ـ المشفوع له ، وهو صاحب الحاجة المراد قضاؤها عند المشفوع عنده.
وهناك مسألتان مهمّتان تساعداننا على مواصلة الخوض في مبحث الشفاعة ، هما :
أ. أنّ الشفاعة لله وحده على نحو الأصالة والاستقلاليّة ، وهي من فروع المالكيّة والحاكميّة الإلهيّة المطلقة التي لا يشارك اللهَ فيها أحد.
ب. أنّ الشفاعة لغيره سبحانه : بالتمكين ، والامتداد ، والتبعيّة ، والإذن ، والارتضاء. وما نقوله في الشفاعة هو نفس ما نقوله في مسائل كثيرة : كالخلق ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الزمر : ٣.