يقول : وعزّتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي ، لَأَقطعنّ أمل كلّ مؤمّلٍ [مِن الناس] غيري باليأس ، ولَأكسونّه ثوب المذلّة عند الناس ، ولَأُنحّينّه من قربي ، ولَأُبعدنّه من فضلي ، أيُؤمّل غيري الشدائد والشدائد بيدي؟! ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري ، وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة ، وبابي مفتوح لمن دعاني؟! فمن ذا الذي أمّلني لنوائبي فقطعته دونها؟! ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعتُ رجاءه منّي؟! جعلتُ آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي ، وملأتُ سماواتي ممّن لا يملّ تسبيحي ، وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي ، ألم يعلم من طَرَقته نائبةٌ من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلّا مِن بعد إذنبي؟! فما لي أراه لاهياً عنّي ، أعطيته بجودي ما لم يسألني ، ثمّ انتزعته عنه فلم يسألني ردّه وسأل غيري.
أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثمّ أُسأل فلا أُجيب سائلي؟! أبخيل أنا فيبخّلني عبدي؟! أَوَ ليس الجود والكرم لي ، أو ليس العفو والرحمة بيدي ، أو ليس أنا محلّ الآمال؟! فمن يقطعها دوني ، أفلا يخشى المؤمِّلون أن يؤمّلوا غيري؟! فلو أنّ أهل سماواتي وأهل أرضي أمّلوا جميعاً ، ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من مُلكي مِثلُ عضو ذرّة ، وكيف ينقص مُلك أنا قيّمه ، فيما بؤساً للقانطين من رحمتي ، ويا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني! (١).
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : لو أنّكم تتوكّلون على الله حقَّ توكّله ، لَرَزقكم كما تُرزق الطيور ، تغدو خماصاً وتروح بطاناً (٢).
وللتوكّل درجات ومراتب ، أعلاها أن يكون العبد بين يدي الله في حركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ٦٦ ـ ٦٧ / ح ٧.
٢ ـ بحار الأنوار ٦٨ : ١٥١ / ح ٥١ ـ عن : جامع الأخبار : ٣٢١ / ح ٩٠٣ ـ الفصل ٧٣.