الإنسان بالحواسّ الباطنة : كحبّ الشهرة ، وحبّ التسلّط ، وحبّ التملّك ، والتخيّلات التي تلائم ذوقه ووجوده. وهناك ما تدركه القوى العاقلة من المحبوبات بشكل وراء الحسّ والمشاهدة : كإدراك المعاني الكلّيّة ، والحقائق المجرّدة ، فهو يحبّ العلم والعدل والكرم وغيرها من الصفات الكماليّة.
فتارة نرى أنّ الإنسان يحبّ نفسه ، وهذا أمر محسوس لكلّ ذي بصيرة ، وهذا الحبّ يتّسم بالعمق والانشداد الوثيق ، بل هو من أقوى مراتب الحبّ لموافقته وملاءمته لنفس الإنسان وقوامه ، وسبب ذلك أنّ المحبّ والمحبوب شيءٌ واحد ، وهذا الحبّ غريزيّ جُبل عليه الإنسان.
وحبّ الإنسان نفسَه هو تعلّقه بأسباب البقاء وديمومة الوجود ، وكذا في كراهيّته للموت ، وفي ذلك يرى الإنسان عين كماله لأنّ الكمال قائم بالوجود ، فإذا انتفى الوجود ، فمعنى انتفائه هو العدم ، وفيه مجمع النقائص ، والإنسان في مسيرته الحياتيّة يحاول أن يكون الأقوى والأكمل في وجوده ، ولمّا كان الإنسان عالماً ـ بل متيقّناً ـ من انتهاء وجوده وكماله بالعدم الأكبر والأتمّ وهو الموت ، فهو يحاول لوجوده امتداداً عن طريق التناسل والإنجاب ، فنراه يتزوّج وينجب ويجمع للذرّية ؛ لأنّه يرى فيهم استمرار بقائه.
وبعد التحقيق والتدقيق نرى أنّ ذلك الحبّ قائم على الخيال والأوهام ، وهو بعيد كلّ البعد عن الحقيقة ، لأنّ الإنسان لا وجود له بذاته ، بل هو ظلّ للوجود الإلهيّ الذي لا وجود لغيره بالأصالة. وإنّ كلّ الموجودات هي من الفيوضات والألطاف الإلهيّة ، فالكمال الذي يبغيه الإنسان هو من النفحات الربّانيّة.
فالإنسان قائم حدوثاً وبقاءً بالله سبحانه ، وهو الذي وصف نفسه بأنّه لا إله إلّا