ويستغني به عن خَلْق ربِّه (١).
والعامّة من العوامّ تنظر إلى أصحاب الأموال والثروات بالتعظيم ، وتكيل لهم المدح والثناء والإطراء ، وتقدّم لهم فروض الطاعة والتقدير لمجرّد كونهم أصحاب ثروة طائلة.
نقل عن العتابيّ أنّه قال : الناس لصاحب المال ألزم من الشعاع للشمس ، وهو عندهم أعذب من الماء ، وأرفع من السماء ، وأحلى من الشهد ، وأزكى من الورد ، خَطَؤه صواب ، وسيّئاته حسنات ، وقوله مقبول ، ويُرفَع مجلسه ، ولا يُمَلّ حديثه. والمفلس عند الناس أكذب مِن لمعان السراب ، وأثقل من الرصاص ، لا يُسَلَّمُ عليه إن قَدِم ، ولا يُسألُ عنه إن غاب ، إن حضر رَدّوه ، وإن غاب شتموه ، وإن غضب صفعوه ، مصافحته تنقض الوضوء ، وقراءته تقطع الصلاة (٢).
إنّ النفس البشرية هي التي تتحكّم بالمال وتوجيهه وصرفه ، فالنفوس الإيمانية الكريمة تجعل منه الوسيلة لبلوغ أرقى المراتب الدينيّة والدنيويّة ، فتخلّف حُسن الذِّكر في الدنيا ، وتكسب رضوان الله في الآخرة ، ولكنّ هؤلاء قليل.
أمّا أغلب الأغنياء فإنّهم لا يقاومون إغراء المال ، فيستعملونه سلاحاً نافذاً في موارد الاستغلال والطغيان والظلم ، وركوب مطايا الآثام ، وسلوك سبل الشيطان.
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : حبّ المال والشرف يُنبتان النفاق ، كما ينبت الماءُ البقل (٣).
والمراد من ذلك عبادة المال ، والإفراط في جمعه ، بعيداً عن الضوابط الخلقيّة والمثل العليا والقيم السامية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ كنز العمّال (٣) : ٢٤٠ / خ ٦٣٤٥.
٢ ـ شرح نهج البلاغة (١)٩ : ٢٢٩.
٣ ـ مُنْية المريد : (١)٥٦.