ولكنّه يقصّر على نفسه وعياله ، فيعيش عيش الفقراء ، ويُحاسَب حساب الأغنياء.
قال الإمام عليّ عليه السلام : عَجِبتُ للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هَرَب ، ويفوته الغنى الذي إيّاه طَلَب ، فيعيش في الدنيا عيشَ الفقراء ، ويحاسب حساب الأغنياء (١).
إنّ الغنى في حدّ ذاته خير من الفقر ، لأنّ الغنى وجود والفقر عدم ، ولكن إذا كان الغنى ممّا يجرّ إلى الطغيان فهو سلاح فتّاك بيد ظالم ، والفقر إذا كان معه صبر وقناعة وعفّة وحياء ، فهو من سمات الأنبياء والأولياء والصالحين. أمّا إذا لم يكن معه ذلك ، فهو صفة مذمومة قد تؤدّي بصاحبها إلى الجزع والانحراف ، وامتهان النفس والتوتّر والقلق.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : الفقر الموت الأكبر (٢) ، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله : كاد الفقر أن يكون كفراً (٣).
وقال عليه أفضل التحيّة والسلام : من ابتُليَ بالفقر فقد ابتُلي بأربع خصال : بالضعف في يقينه ، والنقصام في عقله ، والرقّة في دِينه ، وقلّة الحياء في وجهه (٤). وقد مدح القرآن الكريم الفقراء المتعفّفين الذين لم ينهاروا أمام عواصف الفقر والحاجة ، وثبتوا أمام المغريات الدنيويّة ، وقاوموا الميول الغريزيّة والشهويّة ، ولم يخرجوا عن رحاب ساحة الله تعالى وطاعته ورجائه ، فقد قال سبحانه : (يَحْسَبُهُمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٢٦.
٢ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٦٣.
٣ ـ الكافي ٢ : ٣٠٧ / ح ٤.
٤ ـ بحار الأنوار ٦٩ : ٤٧ / ح ٥٨ ـ عن : جامع الأخبار : ٣٠٠ / ح ٨١٨ ـ الفصل ٦٧.