مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى) (١) ، وقال تعالى : (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا) (٢).
لقد أمهل الله سبحانه العصاة من عباده ، وآلى على نفسه عدم المؤاخذة بالذنوب ، بل جعل لهم موعداً لن يخلفوه ، وهذا التأخير هو سبب استمرار وبقاء البشر ، ولولاه لهلك الجميع لأنّ الأغلبيّة الغالبة تتّصف بالظلم واقتراف المعاصي ، ولو قيل : هل يشمل هذا هلاك المعصومين المنزّهين عن الخطأ؟ نقول : إذا شمل آباءهم وأمهاتهم ، فمعنى ذلك عدم وفودهم على الدنيا ، فالله سبحانه قضى أن يعيش هؤلاء على الأرض ويعمروها ، ويستقرّوا على ظهرها لعلّهم يرجعون إلى طريق الله السويّ وصراطه المستقيم.
وقد ورد عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام قوله في الصحيفة السجّادية : إنّما يعجل من يخاف الفوت ، ويحتاج إلى الظلم الضعيف (٣).
وروي عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام أنّه كان عنده أضياف مُدّت لهم الموائد ، واستعجل غلام له بشواء كان في التنّور ، فأقبل الخادم مسرعاً ، فسقط السفّود من يده على رأس ولد صغير لعليّ بن الحسين عليه السلام تحت الدرجة ، فأصاب رأسه فقتله ، فقال الإمام عليه السلام للغلام ، وقد تحيّر ذلك الغلام واضطرب : أنت حرّ لوجه الله تعالى ، أمّا إنّك لم تتعمّده. ثمّ أخذ في جهاز ابنه ودفنه (٤).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ النحل : ٦١.
٢ ـ الكهف : ٥٨.
٣ ـ الصحيفة السجّاديّة : ٣٥٢.
٤ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : ٤٢١ ، مسكّن الفؤاد للشهيد الثاني : ٦١ ـ عنه : بحار الأنوار ٨٢ : ١٤٢ / ح ٢٥.