ومن حلمه أنّه آوى عدوّ الله مروان بن الحكم وزوجته في واقعة الحَرّة (١) ، رغم ما فعله هذا المجرم بآل محمّد عليهم السلام.
وقال أبو ذرّ الغفاري ـ صاحب النبيّ وتلميذ أمير المؤمنين ـ لغلامه : لمَ أرسلت الشاة على علف الفَرَس؟ قال الغلام : أردت أن أغيظك ، فقال رضي الله عنه : لَأجْمعَنّ مع الغيظ أجراً ... أنت حرّ لوجه الله (٢).
نال من الإمام زين العابدين عليه السلام ابن عمّه الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فلم يكلّمه الإمام ، بل أتى منزله وناداه ، فخرج الحسن متوثّباً ، فقال عليه السلام له : يا أخي ، إن كنتَ قلتَ ما فيّ فأستغفر اللهَ منه ، وإن كنتَ قلتَ ما ليس فيَّ يغفر الله لك. فقبّل الحسن بين عينَي الإمام وقال : بل قلتُ ما ليس فيك وأنا أحقٌّ به (٣).
وقد ورد في قصص العرب أنّ جماعة تذاكروا فيما بينهم آثار معن بن زائدة ، وكان من أشهر أجواد العرب ، أدرك العصرين الأمويّ والعباسيّ ، وولّاه المنصور إمارة سجستان ، فأقام بها ، ثم قُتل فيها غيلة سنة ١٥١ هـ ، تذاكروا آثاره وأخبار كرمه وعظمة حلمه ، فقال أعرابي : أنا أُغضبه. وجرى الرهان بينه وبينهم على مائة ناقة.
فعمد الأعرابي إلى بعير فسلخ جلده وارتداه ، واحتذى ذلك الجلد ودخل على معن ، وأنشأ يقول :
أتذكر إذ لِحافُك جلدُ شاةٍ |
|
وإذ نعلاك مِن جلد البعيرِ؟ |
قال معن : أذكره ولا أنساه ، فقال الأعرابي :
فسبحانَ الذي أعطاك مُلكاً |
|
وَعَلَّمك الجلوسَ على السريرِ! |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ أيّام العرب في الإسلام : ٤٢٤ عن : جهاد الإمام السجّاد عليه السلام : ٦٩.
٢ ـ التذكرة الحمدونيّة : (١)٦٢ ، ورواه الزمخشريّ في ربيع الأبرار : ٩٠٩.
٣ ـ مناقب آل أبي طالب (٣) : ٢٩٦.