الشعور وغيره.
٢. رحمة خاصّة : تشمل الإنسان السائر في طريق الله ، المتوجّه إلى سعادة القرب منه سبحانه ، وهذه الرحمة مختصّة بالمؤمن دون غيره ، وتكون بالمقابلة لقاء إيمانه وعمله وسعيه ، فينال الإشراق الروحيّ ، والنور الباطنيّ ، ورضوان الله تعالى في الدنيا والآخرة.
أما العذاب الإلهيّ ، فليس فيه عذاب عامّ ، بل هو عذاب خاصّ بالخارجين عن خطّ التوحيد ، وسبيل السعادة ، فما يصيب الإنسان من شدّة وابتلاء وضنك في المعيشة ، فإن كان كافراً فهذا نتيجة حتميّة وأثر للإعراض عن ذكر الله :
قال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ * وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ) (١).
أمّا ما يصيب المؤمنَ من فقر وحرمان وقتل وتعذيب وتشريد ، فهو من مصاديق الرحمة الإلهيّة له ، وكلّما ازداد إيماناً ازداد ابتلاؤه ، وعلا شأنه ، كلّ ذلك وفق المنظور الإلهيّ ، ووفق المصالح والحِكَم البعيدة التي لا يعلم كنهها إلّا الله تبارك وتعالى ، وهذا يحتاج إلى وعي عميق ، وبصيرة نافذة ، وحسن ظنٍّ بالله جلّ وعلا.
فالابتلاءات تتحوّل إلى سعادة داخليّة ، أو مغفرة ، أو إنّها تردّ بعض البلاء ، وربّما تكون الذخيرة الكبيرة ليوم المعاد.
والرحمة من الصفات الكماليّة الفعلية التي لا تحملها إلّا النفوس الكبيرة ، والقلوب الرقيقة ، التي دأبها التسامي عن عالم المادة والزخارف والأهواء ، المتحرّرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ طه : ١٢٤ ـ ١٢٧.