درجته مقابل الاعتقاد والعمل والسلوك.
ومنازل الرحمة ثلاثة :
١. منزل الفقر والحاجة : فكلّ كائن فقير محتاج ، وهو يأخذ من مواهب الله ونعمه على قدر فقره وحاجته ، فكلّما كان فقره أشدّ وحاجته أعظم ، أصابته تلك النعم والفيوضات بالشكل الذي يناسب حاله ومقامه. فإنّ الارتواء يستفيد منه من هو أشدّ عطشاً ، والشفاء ينال ذلك المريض المحتاج إليه ، وقد ورد في الدعاء المأثور : يا مَن يعطي مَن سأله ، يا مَن يُعطي مَن لم يسأله ولم يعرفه ، تحنّناً منه ورحمة (١).
فالله يعطي كلّ محتاج ، سواء الطالب والسائل والعارف أو غيرهم ، فالحاجة هي التي تستدعي نزول الخير ، بل قل : إنّ هذه الفيوضات تنزل وتفتّش عن مواضع الفقر والحاجة ، وقد نُقل عن أحد العارفين قوله : لا تطلب الماء واطلب الظمأ ، حتّى يتفجّر الماء من كلّ أطرافك وجوانبك.
وعلينا أن ننظر إلى المقابلة بين صفات الله سبحانه من جانب وبين صفاتنا من جانب آخر ، فهو الخالق العظيم ونحن مخلوقاته الضعيفة ، وهو سبحانه وتعالى يقابل ضعفنا بالإمدادات والفيوضات والنعم ، ويقابل جهلنا بالحلم ، وذنوبنا بالعفو والمغفرة ، وعجزنا بالقوّة ، وفقرنا بالغنى ، لأنّ فقرنا وجهلنا ، وعجزنا ونقصنا من منازل الرحمة الإلهيّة.
٢. منزل السؤال والدعاء : وقد يُعبَّر عنه بوعي الفقر والاحتياج ، وهذا من أقوى أسباب استنزال الرحمة واستمطار النعم الإلهيّة ، فهناك معادلة قوامها طرفان :
أ ـ دعاء صاعد إلى ساحة القداسة وعالم الكمال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ إقبال الأعمال : ١٤٦ ـ ١٤٧.