العمل إلّا الكثير ، ومَن كفاه من الرزق القليلُ فإنّه يكفيه من العمل القليلُ (١). والقناعة تعبّر عن الغنى في النفس الإنسانيّة المطمئنّة إلى ما قسم الله لها من متاع الدنيا ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : مَن قَنَع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس (٢).
وشكا رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام أنّه يطلب فيُصيب ولا يقنع ، وتنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه ، وقال : علِّمْني شيئاً أنتفع به ، فقال عليه السلام : إنْ كان ما يَكْفيك يُغْنيك ، فأدنى ما فيها يُغنيك ، وإن كان ما يَكفيك لا يُغنيك ، فكلُّ ما فيها لا يُغنيك (٣).
وعن الصادق عليه السلام قال : من قنع بالمقسوم ، استراح من الهمّ والكدّ والتعب (٤).
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : القناعة مُلكٌ لا يزول ، وهي مركب رضى الله تحمل صاحبَها إلى داره (٥).
وورد في الأحاديث الشريفة أنّ القناعة : غنىً ، وعزٌّ ، وعفافٌ ، وأنّها علامة الأتقياء ، وعنوان الرضى عن الله ، وأنّها كنز لا يَفنى ، وأنّها أهنأ عيشة.
وقد مثّل النبيّ صلى الله عليه وآله والأئمّة من أهل البيت الكرام عليهم السلام أعظم صور القناعة وأرقاها ، ولم يكن ذلك من عوز أو حاجة ، بل من إيثار وكرم وسخاء ، فلقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله يجاري الريح في كرمه وعطائه ولكنّه كان زاهداً ، قانعاً ، حتّى رُوي أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ١٣٨ / ح ٥.
٢ ـ نفسه ٢ : ١٣٩ / ح ٩.
٣ ـ نفسه ٢ : ١٣٩ / ح ١٠.
٤ ـ مصباح الشريعة : ٢٠٢ ـ الباب الثامن والتسعون.
٥ ـ نفسه : ٢٠٣ ـ الباب الثامن والتسعون.