متعرِّض ، وبِحَبلِك الشديد مُعتَصِم ، وبِعُروتِك الوثقى مُتمَسّك. إلهي ارحمْ عبدَك الذليل ، ذا اللسانِ الكليل ، والعملِ القليل ، وامنُنْ عليه بطَوْلِك الجَزيل ، واكْنُفْه تحتَ ظِلِّك الظَّليل ، يا كريمُ ، يا جميل ، يا أرحمَ الراحمين (١).
ثمّ يتوجّه عليه السلام إلى ربّه بالتوسّل الذي هو أحد مفاتيح أبواب الرحمة الإلهيّة ، وأحد الشفعاء إلى ساحة الربوبيّة ، فهو يتوسّل إلى الله ربّه ، ويتوسّل بكلّ ما يُقرِّب إليه تبارك وتعالى من : نبيّ ، أو وليّ ، أو عملٍ صالح ، لقد أناخ عليه السلام ركابه في ساحة الرجاء ، وحطّ رحله بِفِناء دار الكريم الجواد.
ويقول عليه السلام في مناجاة المتوسّلين : يا مَن لا يَفِدُ الوافدونَ على أكرمَ مِنه ، ولا يَجِدُ القاصدون أرحمَ منه ، يا خيرَ مَن خلا به وحيد ، ويا أعطفَ من آوى إليه طريد ، إلى سَعِة عَفوك مَدَدتُ يدي ، وبِذَيلِ كرمِك أعلقتُ كفّي ، فلا تُولِني الحرمان ، ولا تُبْلِني بالخيبةِ والخُسران ، يا سميعَ الدعاء ، يا أرحمَ الراحمين (٢).
الإنسان كائن مركّب من جسد يعود إلى عالم الشهادة ، وروح تنتهي إلى عالم الغيب ، والجسد له أمراضه وطبّه ، كذلك الروح لها أمراضها وأدواؤها ، والإنسان كيان قائم بين قوّتين تتجاذبانه : جند الرحمان الذي قوامه العقل والفطرة والملائكة الموكّلين به ، وجند الشيطان المتمثّلين بالشهوات والأهواء والشياطين.
وقد شرّع الله سبحانه للإنسان الأحكام والقوانين التي ترسم له سبيل سعادتَيه الدنيويّة والأُخرويّة ، وآتاه موهبة الاختيار ليشقَّ الطريق القويم بحرّية ، ويسلك السبيل بإرادة (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ) (٣) ، وتكونَ لله الحجّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الصحيفة السجّادية : ٤١٦ / الدعاء ١٩٢.
٢ ـ نفسه : ٤١٤ / الدعاء ١٩١.
٣ ـ الأنفال : ٤٢.