البالغة.
إنّ الأعمال العباديّة التي أمر الشارع المقدّس بتأديتها هي مراقٍ للكمال ودرجاتٌ للقرب من ساحة الربوبيّة الفيّاضة بالخير والكرم والمواهب ، وهي موائد مبذولة لكلّ من شاء أن ينال منها رزقاً ، كلّ بحسب استعداداته ، وبهذا يسير الإنسان في خطّ تكامليّ ، يبتدئ من عالم واطئ إلى عالم أرقى من الطهارة والإشراق والنوارنيّة.
وقد جعل الله تعالى الإخلاص في العمل أهمّ شرائط قبول الأعمال ، والمراد من الإخلاص في العقائد هو التمسّك بعقيدة التوحيد التي يهتف بها كلّ جزء من أجزاء الكون بلسان الحال قبل لسان المقال مؤذّناً أن : لا إلهَ إلّا الله.
أمّا الإخلاص في الأعمال فالمراد به الإتيان بالعمل الخالص الذي لا يُراد به غير وجه الله تعالى ، وللإخلاص معطياته الدنيويّة والأُخرويّة ، وله آثار وضعيّة لا يعقلها إلّا العالِمون العارفون بالله تعالى ، فقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : ما أخلص عبد لله عزّ وجلّ أربعين صباحاً ، إلّا جَرَت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (١) ، وجاء عن الإمام عليّ عليه السلام قوله : بالإخلاص يكون الخلاص (٢).
وسلوك هذا الطريق من أظهر مصاديق الجهاد الأكبر الذي ميدانه النفس. أمّا موانع قبول الأعمال فأصلها حبّ الدنيا الذي ورد في الحديث أنّه رأس كلّ خطيئة (٣) ، فقد يكون : الرياء ، والعجب ، والحسد ، والحقد ، وسوء الخلق من موانع قبول الأعمال ، نعوذ بالله من جميع ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٦٩ / ح ٣٢١.
٢ ـ الكافي ٢ : ٤٦٨ / ح ٢.
٣ ـ نفسه ٢ : ٣١٥ / ح ١.