يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١).
فالآية الثانية تبيّن أنّ ملكوت كلّ شيء هو كلمة «كن» ، الذي يقوله الحقّ سبحانه له ، وقوله فعله ، وهو إيجاده له (٢).
فقد تبيّن أنّ الملكوت هو وجود الأشياء من جهة انتسابها إلى الله سبحانه وقيامها به ، وهذا أمر لا يقبل الشِّرْكة ، ويختصّ به سبحانه وحده ، فالربوبيّة التي هي الملك والتدبير لا تقبل تفويضاً ولا تمليكاً انتقاليّاً ، لذلك كان النظر في ملكوت الأشياء يهدي الإنسان إلى التوحيد هدايةً قطعيّة ، كما قال تعالى : (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (٣).
واليقين : المراد به هنا هو العلم الواقعيّ الذي لا يشوبه شكّ ولا لبس ، قال تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) (٤).
وإذا لاحظنا هذه الآية رأينا أنّ منصب الإمامة العامّة الإلهيّة قد ناله أُناس متّصفون بصفتين ، هما : الصبر واليقين. نرجو مراجعة بحث الإمامة في كتابنا الموسوم بـ «المباحث الميسّرة».
قال تعالى : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٥) ، وقال تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (٦).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ يس : ٨٢ ـ ٨٣.
٢ ـ تفسير الميزان ٧ : ١٧١.
٣ ـ الأعراف : ١٨٥.
٤ ـ السجدة : ٢٤.
٥ ـ التكاثر : ٥.
٦ ـ الحجر : ٩٩.