ـ عين اليقين : وهنا حين ينتقل الإنسان من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة ، فإنّ المشاهد التي كان يراها من باب الغيبيّات ، سيراها أمامه حاضرة شاخصة قائمة ، وهذا اليقين أعمق من اليقين النظريّ الأوّل.
أمّا في المشاهدة فلو رأينا النار متوهّجة مشتعلة فنؤمن بوجودها يقيناً.
ـ حقّ اليقين : كمَن لو دخل النارَ وقاسى أهوالها ، وتحمّل آلامها ، ولا شكّ أنّ هذا اليقين أقوى من الأوّل والثاني. وفي عالم الدنيا يكون كما لو احترق عضو من الإنسان بالنار المتوقّدة ، والله العالم.
إنّ النسبة بين العلم واليقين هي نسبة تخصيص وتعميم ، فكلّ يقين علم ، وليس كلّ علم يقيناً ، فالعلم هو عمليّة كشف الواقع ، وطريق للوصول إلى الحقائق ، وقد لا يطابق الواقع ، ومن هنا كانت الأحكام الشرعيّة التي يتوصّل إليها المجتهد في عملية الاستنباط أحكاماً ظاهريّة ، بعكس الأحكام التي تصلنا مباشرة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وعن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، إذ هي أحكام واقعيّة يقينيّة قطعيّة.
أمّا اليقين فهو اعتقاد جازم ثابت يطابق الواقع من دون شبهة أو لبس ، وهو مرتبة إيمانية راقية ، تمدّ الإنسان بأسباب السعادة والرضى ، وتُكْمل النفس ، وتقوده إلى النجاة من مضلّات الفتن ، وتسير به إلى الجنّة.
وقد أشرنا في مباحث سابقة أنّ قبول العبادة وترتيب آثارها من جزاء وثواب ، يعتمد على نوع العبادة أكثر من اعتماده على كمّيتها وكثرتها.
قال الصادق عليه السلام : إنّ العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من