فقال صلى الله عليه وآله : لو زاد يقينُه لمشى على الهواء (١).
وهذه المراتب الإيمانيّة الراثية لا تتأتّى بالعلوم النظريّة والكسبيّة فقط ، بل برياضة النفس ومجاهدتها ، وصقلها وتربيتها وفق المناهج التي رسمها الشرع الحنيف والقائمون عليه من أهل العصمة الكرام.
ورد في الآثار المعتبرة أنّ موسى عليه السلام سأل الله تعالى أن يدلّه على أعبدِ أهلِ الأرض ، فأرشده الله تعالى أن يذهب إلى ساحل بحر فيرى هناك أعبدهم.
فجاء موسى عليه السلام ومعه جَبرئيل عليه السلام فلم يجد أحداً إلّا رجلاً هو أبرص وأجذم ومُقعَد ، فقال موسى لجبرئيل : أين ذلك الرجل؟
قال : هو هذا يا نبيّ الله.
فقال موسى : كنت أُحبّ أن أراه صوّاماً قوّاماً.
فقال جبرئيل : أُنظر إنّي مأمور بأخذ كريمتيه ـ يعني عينيه ـ فانظر ماذا يقول. فأشار جبرئيل عليه السلام إلى عينيه فسالتا على خَدَّيه ، فأخذ الرجل يقول : يا ربّي متّعتني بهما حيث شئت ، وسلبتني إيّاهما حيث شئت ، وأبقيت لي فيك طول الأمل يا بارُّ يا وَصُول.
فتعجّب موسى عليه السلام وأقبل إليه ، قال : يا عبد الله ، أنا رجل مجاب الدعوة ، إنْ شئتَ دعوتُ الله لشفائك.
فقال : لا ، إنّ ما يختاره لي ربّي أَحبُّ إليّ ممّا تختاره لي نفسي.
فقال له موسى عليه السلام : سمعتك تقول : يا بارُّ يا وصول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مصبح الشريعة : ١٧٧ ، مستدرك الوسائل ١١ : ١٩٨ / ح ١٦.