أن نُحَوَّلَ عن الحالِ التي كنّا عليها عندك ، وحتّى كأنّا لم نكن على شيء ، أفتَخاف علينا أن يكون ذلك نفاقاً؟
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله كلّا ، إنّ هذه خطوات الشيطان فيُرغّبهم في الدنيا ، واللهِ لو تدومون على الحالة التي وَصَفتُم أنفسكم لَصافحَتكم الملائكة ، ومَشَيتم على الماء ، ولولا أنكم تُذنبون فتستغفرون الله لَخلَق اللهُ خلقاً حتّى يُذنبوا ثمّ يستغفروا الله فيغفر اللهُ لهم. إنّ المؤمن مُفتَّنٌ توّاب ، أما سمعتَ قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)؟! (١)
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : يا عليّ ، إنّ اليقين أن لا تُرضيَ أحداً على سَخَط الله ، ولا تَحْمَدَنّ أحداً على ما آتاك الله ، ولا تَذُمّنَّ أحداً على ما لم يُؤْتِك الله ، فإنّ الرزق لا يَجرُّه حِرصُ حريص ، ولا يصرفه كُرُه كاره ، فإنّ الله عزّ وجلّ بحكمته وفضله جعل الرَّوحَ والفَرَجَ في اليقين والرضى ، وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسُّخط ، إنّه لا فقرَ أشدُّ من الجهل (٢).
وورد في الآثار المعتبرة أنّ الصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر قال في صفّين : اللهمّ إنّك تعلم أنّي لو أعلم رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلت ، اللهمّ إنّك تعلم أنّي لو أعلم أنّ رضاك في أن أضع ظبة سيفي في بطني ، ثمّ أنحني عليه حتّى يخرج من ظهري لفعلت ، اللهمّ إنّي أعلم ممّا علّمتني أنّي لا أعمل عملاً اليوم هذا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين (٣).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ٤٢٤ / ح ١ ، والآية في سورة البقرة : ٢٢٢.
٢ ـ التوحيد للصدوق : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ / ح ٢٠.
٣ ـ شرح نهج البلاغة ٥ : ٢٥٣ ، وقعة صفّين : ٣٢٠.