ولم يكن الاستدلال بآية واحدة ، بل كان بآيتين.
وقد قال تعالى : (وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (١) ، وقال سبحانه : (اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) (٢) ، وقال تبارك وتعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللَّـهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٣) ، وورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : سلوا الله من فضله ، فإنّ الله يحبّ أن يُسأل (٤).
والفضل أشمل من الرزق ، والنسبة بينهما عموم وخصوص ، وساحته أوسع ، وميدانه أكبر ، إذ يشمل المواهب الإلهيّة والفيوضات إضافة إلى المادّيات التي يقوم بها الإنسان الفرد ، والإنسان الأُمّة.
أمّا الرزق : فكلّ ما ينتفع به الناس في بقائه من مأكل ومشرب ، وملبس ومسكن ومنكح ، وولد وعلم وقوّة ، وغير ذلك (٥).
أمّا الفضل فيستعمل في الإنعام على الغير بما هو زائد عن حاجة ذلك المنعم ، وهذا المعنى لا ينطبق انطباقاً حقيقيّاً على غير الله سبحانه.
فإذا أنعم الإنسان على غيره ومنحه الفضول من متاعه فهو متفضّل عليه ، ولكن هذا التفضّل قد يكدّره المنّ والأذى والانقطاع ، وهذا التفضّل يكون لله وحده بالأصالة ، ولغيره بالامتداد والإذن.
قال تعالى مخاطباً نبيّه الأعظم في قضيّة زيد بن حارثة : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ البقرة : ٢١٢.
٢ ـ العنكبوت : ٦٢.
٣ ـ الشورى : ٢٧.
٤ ـ سنن الترمذيّ ٥ : ٢٢٥ ح ٣٦٤٢.
٥ ـ تفسير الميزان ١٨ : ٣٧٥.