اللَّـهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) (١).
فأراد الله سبحانه أن يوجّه العباد إلى ساحة كرمه وفضله ، فيسلكوا السبل والأسباب الموصلة إلى خزائنه التي لا تنفد ، والمراد بفتح خزائن الله هو السعي في طلب الرزق الحلال من أسبابه.
قال تعالى : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٢).
إنّ الله وحده هو الرازق الحقيقيّ بالأصالة ، وإذ عُدّ غيره رازقاً فبالامتداد والإذن ، ويكون الرازق هنا وسيطاً بين يد الله الفيّاضة بالجود والكرم ، وبين عباد الله من ذوي الحاجة. فالرزق رزقه ، والعطاء عطاؤه واقعاً ، وهو القائل عزّ من قائل : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) (٣).
والرزق من الناحية التكوينيّة لا يُنسب إلّا لله سبحانه ، إذ هو مصدر كلّ خير وعطاء ، ولا يكون إلّا خيراً محضاً ، حيث لا يمكن نسبة المعصية وأسبابها المباشرة إلى الله العليّ العظيم ، ثمّ كيف يُحاسَب العاصي على ذلك؟
أمّا من ناحية التشريع ، فإنّ إرادة الإنسان واختياره يجعلانه على مفترق طريقين ، فقد يُحوِّل الرزق والطاقات الماليّة والقوى والقابليات إلى مصادر الخير والطاعة ، وكسب الثواب ، أو يحوّلها إلى طاقات للإفساد والمعاصي ، فالإنسان هنا يخلق الفعل من جانبَيِ الطاعة والمعصية ، ليكون المسؤول الذي تُلقى عليه الحجّة البالغة.
والرزق الإلهيّ مجموعة من المواهب والفيوضات المحضة ، يهبها الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأحزاب : ٣٧.
٢ ـ المؤمنون : ٧٢.
٣ ـ الحجر : ٢١.