لمخلوقاته من دون استحقاق ، ومن دون فرض ، ومن دون عوض ، وإذا فهمنا معنى الوجوب من ظاهر بعض الآيات الشريفة ، فبما أوجبه هو سبحانه على نفسه من باب رحمته وعطفه ورأفته ، وهذه الواجبات تسمّى «الواجبات اللُّطفيّة».
قال تعالى : (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا) (١).
يقول صاحب «الميزان» قدس سره : ومن هنا يظهر أنّ للإنسان المرتزق بالمحرّمات رزقاً مقدَّراً من الحلال بنظر التشريع ، فإنّ ساحته تعالى منزّهة من أن يجعل رزق إنسان حقّاً ثابتاً على نفسه ، ثمّ يرزقه من وجه الحرام ، ثمّ ينهاه عن التصرّف فيه ويعاقبه عليه (٢).
وكما أنّ الرحمة الإلهيّة تكون على أقسام : فهناك رحمة عامة شاملة لجميع أفراد الإنسان من مؤمن وكافر ، وبرّ وفاجر ، وصالح وطالح ، وهناك رحمة خاصّة بالمؤمنين ، وهذه هي المواهب والآلاء التي تقودهم إلى طريق سعادتهم الأبديّة ونجاتهم الدائمة.
وهناك رحمة لخصوص الخصوص ، وهي النعم الكبرى على من أخلصهم الله تعالى لنفسه ، واجتباهم لغيبه ممّن آتاهم العصمة ، وأفاض عليهم النبوّة والإمامة ، وجعلهم الحجّة التامّة على جميع خلقه.
كذلك الرزق ، فمنه ما هو عامّ يشمل الجميع ، ومنه خاصّ وهو المختصّ بالكسب الحلال من موارده التي بيّنها الشرع الحنيف وارتضاها العقل السليم ، وهناك رزق لخصوص الخصوص بما آتاهم من الولاية التكوينيّة كلّ بحسب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ هود : ٦.
٢ ـ تفسير الميزان ٣ : ١٤٠.