الآخرة ، فبالمال يقوّت نفسه وعياله وأرحامه ويصونهم من الانحراف ، وبالمال يتصدّق ويحجّ ، ويشارك في الخيرات والمبرّات وعمارة المساجد.
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : نِعم العونُ على تقوى الله الغِنى (١) ، وقال صلى الله عليه وآله : بارك لنا في الخبز ولا تفرّق بيننا وبينه ، فلو لا الخبر ما صلّينا ولا صمنا ، ولا أدّينا فرائض ربّنا (٢).
وقال رجل لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : واللهِ إنّا لَنطلب الدنيا ونحبّ أن نُؤتاها ، فقال عليه السلام : تحبّ أن تصنع بها ماذا؟ قال : أعود بها على نفسي وعيالي ، وأصِلُ بها وأتصدّق بها وأحجّ واعتمر ، فقال عليه السلام : ليس هذا طلبَ الدنيا ، هذا طلب الآخرة (٣).
أمّا إذا كان جمع المال وكنزه لأجل الجمع فهو من السعي المذموم ، فقد قال الإمام الرضا عليه السلام : لا يجتمع المال إلّا بخصال خمس : ببخل شديد ، وأمل طويل ، وحرص غالب ، وقطيعة الرحم ، وإيثار الدنيا على الآخرة (٤).
وقد وردت روايات كثيرة تحثّ على العمل باليد من أجل تأمين لقمة العيش للفرد وعياله ؛ ليكفّ يده عن مسألة الناس ، ويحفظ ماء وجهه من الاستجداء ، أو الاعتماد على أكل الحقوق الشرعيّة ، فقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام قال : أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود عليه السلام أنّك نِعمَ العبدُ لولا أنّك تأكل من بيت المال ، ولا تعمل بيدك شيئاً.
قال : فبكى داود عليه السلام أربعين صباحاً ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى الحديد أن لِنْ لعبدي داود ، فألانَ الله عزّ وجلّ له الحديد ، فكان يعمل كلَّ يوم درعاً فيبيعها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٥ : ٧١ / ح ١.
٢ ـ نفسه ٥ : ٧٣ / ح ١٣.
٣ ـ نفسه ٥ : ٧٢ / ح ١٠.
٤ ـ الخصال للصدوق : ٢٨٢ / ح ٢٩.