غطاءً ، وبهذا يستحقّ الوالدان الشكر والإكرام من باب وجوب شكر المنعم ، وقد ورد عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام قوله : مَن لم يشكر المنعمَ من المخلوقين لم يشكرِ اللهَ عزّ وجلّ (١).
ونعم ما قيل : من لم يكن والداً لم يعرف قدر الوالد.
فالوالدان اللذان هم أصل الوجود ، ومنبع الرحمة والرأفة ، يعانيان ويقاسيان الكثير في مسائل الحمل والولادة والرضاعة والسهر والتربية ، والتحمّل ، من أجل حفظ حياة الأولاد وتنشئتهم.
قال الإمام زين العابدين عليه السلام في «رسالة الحقوق» : وحقُّ أمّك ، أن تعلم أنّها حَمَلتك حيث لا يحتمل أحداٌ أحداً ، وأعطَتْك من ثمرة قلبها ما لا يُعطي أحد أحداً ، وَوقَتْك بجميع جوارحها ، ولم تُبالِ أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتَضْحى وتُظلّلك ، وتهجر النوم لأجلك ، وَوَقَتْك الحرّ لتكون لها ، فإنّك لا تُطيق شكرها إلّا بعون الله تعالى وتوفيقه.
وأمّا حقّ أبيك ، فأن تعلم أنّه أصلك ، وأنّه لولاه لم تكن ، فمهما رأيتَ في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمَدِ اللهَ واشكره على قَدْر ذلك ، ولا قوّة إلّا بالله (٢).
وقد قال تعالى : (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (٣).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٤ / ح ٢ ـ الباب ٣١.
٢ ـ الخصال : ٥٦٨ / ح ١ ـ من أبواب الخمسين.
٣ ـ الإسراء : ٢٣ ـ ٢٤.