كالطِّيب من المسك ، ثم يسلّ نفسه سَلّاً رفيقاً ، ثم ينزل بكفنه من الجنّة ، وحنوطه من الجنّة بمسك أذفر ، فيُكفَّن بذلك الكفن ، ويُحنَّط بذلك الحَنوط ، ثمّ يُكسى حُلّةً صفراءَ من حلل الجنّة (١).
ـ في الأشياء التي شُبّه بها موت المؤمن :
تصوّر لنا الروايات أنَّ موت المؤمن هو عمليّة خروجه من سجن الدنيا إلى رحاب ولايةِ الله وسَعةِ رحمته وضيافته ، فالموت ألذّ من الشراب البارد للعطشان ، بل هو فكّ القيود والأغلال التي كانت عليه ، وهو أعظم سرور يرد على المؤمن ، وانتقال عن دار النكد إلى نعيم الأبد ، فأيّ عاقل يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ هذا ما ورد على لسان الروايات ، ففي الأثر : ما من مؤمن يحضره الموت إلّا عُرِضَت عليه الجنّة قبل أن يموت ، فيرى موضعه فيها وأزواجه من الحور العين (٢).
وروي أنّ الإمام عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام دخل على مريضٍ من أصحابه وهو يبكي ويجزع من الموت ، فقال له : يا عبد الله ، تخاف الموت لأنّك لا تعرفه ، أرأيتَك إذا اتّسختَ وتقذّرت وتأذّيت من كثرة القذر والوسخ عليك ، وأصابك قروح وجرب ، وعلمتَ أنّ الغسل في حمّامٍ يزيل ذلك كلَّه ، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك ، أوَ ما تكره أن لا تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال : بلى يا ابنَ رسول الله.
قال عليه السلام : فذاك الموت ، هو ذلك الحمّام ، وهو آخر ما يبقى عليك من تمحيص ذنوبك ، وتَنقيتِك من سيّئاتك ، فإذا أنت وردت عليه وجاوزته فقد نجوت من كلّ غمٍّ وهَمٍّ وأذى ، ووصلتَ إلى كلّ سرور وفرح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ سنن النسائيّ ٤ : ٨.
٢ ـ تفسير مجمع البيان ١٠ : ٢٥٣.