الفزع : الخوف الشديد ، قال تعالى : (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (١).
قال صاحب «الميزان» قدس سره في تفسير قوله تعالى : (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) (٢) : والمعنى : أنعَمْنا عليهم لأنَّهم كانوا يسارعون في الخيرات من الأعمال ، ويدعوننا رغبة في رحمتنا أو ثوابنا ، رهبةً من غضبنا أو عقابنا أو يدعوننا راغبين راهبين ، وكانوا لنا خاشعين بقلوبهم (٣).
ويرى سماحته قدس سره أنّ المقصود بالمسارعين في الخيرات ، الذين يدعون ربّهم رغباً ورهباً وكانوا خاشعين لله هم أهل بيت زكريّا عليه السلام ، وذلك هو المفهوم من السياق ، ولا يشير إلى عبادة الأنبياء الذين ذكرهم الله سبحانه في هذه السورة ، لأنّ عبادتهم خالصة من كلّ شوب ونقص وكلّ غاية غير طلب مرضاة لله ، لأنّ عبادة الله من أجل طلب الجنّة أو خوفاً من النار لا تناسب مقام الانبياء ، لأنّ ذلك من الشرك الخفيّ المنافي لكمال الإخلاص.
قال سبحانه : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ) (٤).
الآية الشريفة تشير إلى أنّ عبادة أكثر الناس ليست خالصة من كلّ شوب ونقص ، بل إنَّ أكثر إيمانهم يخالطه شيء من الشرك الخفيّ ، وهذا الشرك لا يبلغ بهم حدّ الكفر. إنّ طاعة الشيطان واتّباع الظالمين ، والغفلة ، والاستجابة للأهواء والنزوات من الشرك الخفيّ الذي ننزّه أهل العصمة عنه.
وورد في الآثار المعتبرة : أنَّ الشرك الخفيّ أخفى من دبيب النمل على الصفا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأنبياء : ١٠٣.
٢ ـ الأنبياء : ٩٠.
٣ ـ تفسير الميزان ١٤ : ٣١٦.
٤ ـ يوسف : ١٠٦.