لبكائهم ويؤمّنون على دعائهم ، وإذا صعدوا إلى السماء ، يقول الله تعالى : ملائكتي أين كنتم؟ وهو أعلم بهم ، فيقولون : ربّنا أنت أعلم ، كنّا حضرنا مجلساً من مجالس الذكر ، فرأيناهم يسبّحونك ، ويقدّسونك ، ويستغفرونك ، ويخافون نارك ، ويرجون ثوابك.
فيقول سبحانه : أُشهدكم أنّي قد غفرتُ لهم ، وآمنتهم من ناري ، وأوجبتُ لهم جنّتي ، فيقولون : ربّنا ، تعلم أنّ فيهم من لم يذكرك ، فيقول سبحانه : قد غفرتُ له بمجالسة أهل ذكري ، فإنّ الذاكرين لا يشقى بهم جليسُهم (١).
وورد في الأثر : ما جلس قوم يذكرون الله إلّا نادى منادٍ من السماء : قوموا فقد بَدّلتُ سيّئاتِكم حسنات (٢).
وقال الإمام الباقر عليه السلام : مكتوب في التوراة التي لم تُغيَّر أنَّ موسى عليه السلام سأل ربّه : يا ربّ ، أقريبٌ أنت منّي فأناجيك ، أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا موسى ، إنا جليسُ مَن ذكرني (٣).
وفي رواية أنّ موسى بن عمران عليه السلام قال : أين أجِدُك يا ربّ؟ فأوحى الله إليه : تجدني عند القبور المندرسة ، والقلوب المنكسرة ، أي الخالية من العُجب والكِبْر والغرور.
وورد في الحديث القدسيّ : إنّي أحبّ القلوب المنكسرة والقبور المندرسة.
وكثرة الذكر الواعي الصادق دليل على رسوخ الحبّ الإلهيّ في قلب العبد ، قال تعالى : يا موسى مَن أحبّني لم يَنْسَني (٤).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ جامع أحاديث الشيعة ١٥ : ٤٥٨ ح ١٤٨١ نقله عن إرشاد القلوب.
٢ ـ عدّة الداعي : ٢٣٨ / الحديث السادس عشر ـ الباب الخامس.
٣ ـ الكافي ٢ : ٤٩٦ / ح ٤.
٤ ـ عدّة الداعي : ١٨٩.