وقال الإمام عليّ عليه السلام : أَحبُّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ في الأرض الدعاء ، وأفضلُ العبادة العفاف (١) ، وورد في الآثار المعتبرة أنَّ الدعاء مخّ العبادة (٢).
وورد أنَّ للدعاء شرائط وآداباً ينبغي للداعي مراعاتها ، مثل : مراعاة الأوقات المباركة ، والأماكن المقدّسة ، والأحوال الشريفة التي هي منازل حلول الرحمات ونزول الفيوضات ، فقد ورد الحثّ على الدعاء عند هبوب الرياح وزوال الأفياء (٣) ، ونزول القطر ، وأوّل قطرة من دم الشهيد ، فإنّ أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء (٤).
وورد الترغيب في الدعاء : عند السَّحَر وعند الزوال ، وليلة الجمعة ويومها ، وعندما يرقّ القلب وتخشع الجوارح ، وتسيل المدامع خشية من الله سبحانه وتعالى (٥).
وكثيراً ما نسمع أنّ الناس يَدْعون فلا يستجاب لهم ، ونقول : ليس أحد يدعو الله سبحانه على ما توجبه الحكمة إلّا أجابه الله ، فلربّما سأل الداعي اللهَ ما فيه هلاك دِينه ودنياه ، أو ما فيه مفسدة له وللآخرين ، وربّما تكون المصلحة في تأخير الإجابة وفق مقتضيات الحكمة الإلهيّة ، ولمّا كان الدعاء بذاته عبادة كانت دعوة العبد راجحة على كلّ حال ، سواء استُجيب له أم لا.
قال النبي صلى الله عليه وآله : ما من مسلم دعا الله سبحانه بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم إلّا أعطاه الله بها أحدى ثلاث خصال : إمّا أن يُعجَّلَ دعوتُه ، وإمّا أن يُؤخَّر له في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ نفسه ٢ : ٤٦٧ / ح ٨.
٢ ـ الدعوات للراونديّ : ١٨ / ح ٨.
٣ ـ فاءَ الظَلُّ يَفيءُ فَيئاً ، أي رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق. والجمع فُيوء وأفياء ، لسان العرب (فيأ).
٤ ـ الكافي ٢ : ٤٧٧ / ح ١.
٥ ـ ينظر : الكافي ٢ : ٤٧٦ ـ باب الأوقات والحالات التي تُرجى فيها الإجابة.