أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل ... فذلكم الرجل نعم الرجل ، فبه تمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم به فتوسّلوا ، فإنّه لا تُرَدّ له دعوة ، ولا تخيب له طلبة (١).
وروي أنَّ أحدهم سرق رغيفين من الخبز ورمّانتين ، وتصدّق بها على فقير ، فسأله الإمام الصادق عليه السلام عن فعل ذلك ، فقال محتجّاً بقوله تعالى : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا) (٢) ، وقال : إنّي لمّا سرقتُ الرغيفين كانت سيّئتين ، ولمّا سرقتُ الرمّانتين كانت سيّئتين ، فهذه أربع سيّئات ، فلمّا تصدّقتُ بكلّ واحدة منهما كانت لي بها أربعين حسنة ، فانتقص من أربعين حسنة أربع بأربع سيّئات ، يبقى لي ستّ وثلاثون حسنة. قال الإمام الصادق عليه السلام : ثكلتك أمّك! أنت الجاهل بكتاب الله ، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٣) ، إنّك لمّا سرقتَ رغيفين كانت سيّئتين ، ولمّا سرقتَ رمّانتين كانت سيّئتين ، فلمّا دفعتَهما إلى غير صاحبَيهما بغير أمر صاحبَيهما كنتَ إنّما أضفتَ أربع سيّئات إلى أربع سيّئات ، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيّئات (٤).
ويصوّر لنا الإمام الصادق عليه السلام هؤلاء المغرورين بأنّهم مساكين ، منغمسون في الجهل المركّب ، فهم يجهلون ولا يعلمون أنّهم جهلاء ، أعماهم حبّ الشهوات والاستجابة للنزوات ، فإذا كلّ أعمالهم سراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً ، حتّى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، ووجد الله عنده فوفّاه حسابه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الاحتجاج : ٣٢٠ ـ ٣٢١ احتجاجات الإمام السجّاد عليه السلام.
٢ ـ الأنعام : ١٦٠.
٣ ـ المائدة : ٢٧.
٤ ـ معاني الأخبار : ٣٥ ـ ٣٦ / ح ٤ ـ باب معنى الصراط.