فَيَمُنّ على الله عزّ وجلّ ولله عليه فيه المنّ (١).
وصدق الله القائل : (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا) (٢).
والنسبة بين العُجب والإدلال نسبة عموم وخصوص. فكلّ مُدِلٍّ مُعْجَب ، وليس كلّ مُعْجَبٍ مُدِلّاً.
يحدّثنا القرآن الكريم أنَّ جماعةً من بني أسد جاؤوا إلى النبيّ صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله أسلمنا ، وقاتلك العرب ولم نقاتلك ، فأنزل الله فيهم : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّـهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (٣).
لقد أخطأ هؤلاء ، من عدّة جهات :
١ ـ لقد أسلموا دون الإيمان ، والواقع أنّ الإيمان هو الطريق الرحب الذي يؤدّي إلى ساحة القرب من الله وعليه يقع الثواب. أمّا الإسلام فتترتّب عليه آثار وضعيّة ظاهرة ، مثل : حقن الدماء ، وجواز المناكح ، وجريان المواريث ، وأصالة الطهارة ، وذكاة الذبيحة ، وأصالة صحّة عمل المسلم ظاهراً.
٢ ـ لو كان هناك مَنٌّ فالمفروض أن يكون على الله تبارك وتعالى لا على النبيّ صلى الله عليه وآله ، لأنّ النبيّ هو سفير بين الله وعباده ، يقوم بتبليغ الأحكام وفق ما يُوحى إليه ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، وما أرسل عليهم بوكيل ، بل لم يكن عليه إلّا البلاغ المبين ، وقد أدّاه صلى الله عليه وآله.
٣ ـ لو كان هناك منّ فالمفروض أن يكون من الله على عباده ، إذ هداهم للإيمان ، وقادهم إلى سبيل الصواب ، وذلك لهم فيه خير الدنيا والآخرة ، فقد ورد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ٣١٣ / ح ٣.
٢ ـ فاطر : ٨.
٣ ـ الحجرات : ١٧.