أربعين سنة ، فلم يقبل منه ، فقال لنفسه : ما أُوتيتُ إلّا منكِ ، ولا الذنبُ إلّا لكِ! فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : ذَمُّك نفسَك أفضلُ من عبادة أربعين سنة (١).
وقال الإمام الصادق عليه السلام : العَجَبُ ممّن يُعجَب بعمله وهو لا يدري بما يُختَم له ، فمَن أُعجب بنفسه وفعله فقد ضلّ عن منهج الرشاد ، وادّعى ما ليس له ، والمدّعي من غير حقّ كاذب وإن أخفى دعواه وطال دهره ، وإنّ أول ما يُفعَل بالمعْجَبِ نزعُ ما أُعجب به ليعلم أنّه عاجز حقير ، ويشهد على نفسه لتكون الحجّة عليه أوكد ، كما فُعل بإبليس. والعُجْبُ نبات حبّها الكفر ، وأرضها النفاق ، وماؤها البغي ، وأغصانها الجهل ، وورقها الضلالة ، وثمرها اللعنة والخلود في النار! فمَن اختار العجب بذَرَ الكفر ، وزرع النفاق ، ولابدّ أن يُثمِر (٢).
وقال الإمام الصادق عليه السلام : إنّ عيسى بن مريم عليهما السلام كان من شرايعه السَّيْحُ «أي السياحة» في البلاد ، فخرج في بعض سيحه ومعه رجل من أصحابه قصير ، وكان كثير اللزوم لعيسى عليه السلام.
فلمّا انتهى عيسى إلى البحر قال : بسم الله ، بصحّةِ يقينٍ منه ، فمشى على ظهر الماء ، فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى عليه السلام جازه : بسم الله ، بصحّة يقين منه ، فمشى على الماء ، ولَحِقَ بعيسى عليه السلام ، فدخله العُجْب بنفسه فقال : هذا عيسى روح الله يمشي على الماء ، وأنا أمشي على الماء ، فما فضلُه علَيّ؟! قال : فرُمس في الماء ، فاستغاث بعيسى عليه السلام فتناوله من الماء فأخرجه.
ثمّ قال له : ما قلتَ يا قصير؟ فقال له : قلت : هذا روح الله يمشي على الماء ، وأنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ قرب الإسناد : ٣٩٢ / ح ١٣٧١.
٢ ـ مصباح الشريعة : ٨١ ـ الباب السادس والثلاثون.