إنَّ العجب مرض من أمراض النفس ، وقد وضع الإسلام أنواعاً من العلاجات لهذا الوباء ، فلو التفت الإنسان إلى أصل خلقته ، وهو التراب والنطفة المذرة ، وإلى النهاية التي يكون فيها جيفة قذرة ، ولو نظر إلى مصائب الدنيا وويلاتها ، وما يجري على أبنائها من حال إلى حال ، ولو علم أنّ الموت لاقيه على حين غِرَّة ، لَعَلِم أنّه ضعيف ، مسكين ، لا يليق به الكبر أو الغرور أو العُجب.
ولو كان عاقلاً فطناً لنسب كلّ المواهب التي أُوتيها إلى الله المنعم ، فلا يزداد إلّا شكراً وحمداً وتواضعاً. إنّ العلم ، والقوّة ، والطاعة ، والعبادة ، والجود ، والسلطان ، والمال ، والجمال ، وحسن الذكر في الأنام ، كلَّها نِعمٌ إلهيّة ، ومن الممكن زوالها عنه في يوم وليلة ، بل في أعشار الدقيقة.
وقد مثّل القرآن الكريم بعض علماء اليهود بالحمار حين قال : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) (١).
وشَبّه العالم الفقيه «بلعم بن باعورا» بالكلب حيث قال : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) (٢).
كلّ ذلك لأنّهم لم يعملوا بما علموا ، بل كان الدين سلاحاً فتّاكاً بأيديهم يصدّون به عن سبيل الله ، ويحاربون المؤمنين ، ويركنون به إلى الظالمين ، وقد رُوي عن عيسى عليه السلام قوله : ويل لعلماء السوء ، كيف تَلَظّى عليهم النار (٣) ، كما رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : يُغفَر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يُغفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الجمعة : ٥.
٢ ـ الأعراف : ١٧٦.
٣ ـ الكافي ١ : ٤٧ / ح ٢.