ونُبِّهَ على جملتها بما وُصف بها ، فإذا قيل في الله تعالى : هو حكيم ، فمعناه بخلاف معناه إذا وُصف به غيره ، ومن هذا الوجه قال الله سبحانه وتعالى : (أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (١).
وإذا وصف بهِ القرآن فلِتَضمُنّهِ الحكمة ، نحو : (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) (٢).
الغيب : ما لا ايقع تحت الحواس ، وما يغي عن علم الإنسان. ويقال للشيء : غَيبٌ وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى ، فإنّه لا يغيب عن شيء ، كما لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السماوات ولا في الأرض. وقوله سبحانه : (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) (٣) ، أي ما يغيب عنكم وما تشهدونه (٤).
فلا تعارضَ بين : نسبة علم الغيب إلى الله وحده كما في قولهِ تعالى : (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ) (٥).
وبين قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) (٦).
فمِن هذا نستفيد أنّ الغيب لله على نحو الأصالة ، فهو سبحانه يعلم الغيب لذاته ، أمّا إذا نسبنا علم الغيب لأحد الرسل أو الأنبياء فبالتعليم من الله سبحانه ، ومن هذا القبيل نسبة الخلق إلى الله ونسبته إلى الإنسان ، فقد ورد تعبير : (وَاللَّـهُ خَيْرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ التين : ٨.
٢ ـ يونس : ١ ، مفردات غريب القرآن : ١٢٧.
٣ ـ الأنعام : ٧٣.
٤ ـ مفردات غريب القرآن : ٣٦٦.
٥ ـ النمل : ٦٥.
٦ ـ الجنّ : ٢٦ ـ ٢٧.