الرَّازِقِينَ) في القرآن الكريم (١).
وإذا قيل الرازق : وأردنا به خالق الرزق ومعطيه والسبب له فهو الله تعالى. أمّا الإنسان فهو سبب في وصول الرزق ، فنقول : أعطى السلطان رزق الجند ، ورزق الرجل عياله ، فالرازقيّة الإنسانيّة تقع في طول الرازقيّة الإلهيّة لا في عرضها. ونقول في مسألة الخلق مثل ما قلنا في الرزق : الخلق أصله : التقدير المستقيم ، ويُستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء ، قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) (٢) ، أي أبدعهما ، ويُستعمل في إيجاد الشيء من الشيء ، نحو (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) (٣).
وليس الخلق الذي هو الإبداع إلّا لله تعالى. وأمّا الذي يكون بالاستحالة فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الأحوال ، كعيسى عليه السلام حيث قال تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي) (٤). انتهى ما قاله الراغب في «المفردات» (٥).
أمّا قوله تعالى : (فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (٦) ، فيدلّ على عدم اختصاص الخلق بالله إذا أردنا المعنى اللغويّ للخلق ، وهو التقدير وقياس الشيء.
وما قلناه آنفاً في وصف الله سبحانه بأنّه أكرم الأكرمين ، حيث نسب الكرم إلى ذاته المقدّسة على نحو الأصالة ، فهو يخلق مادّة الكرم ويوصلها إلى عباده ، أمّا الإنسان فهو وسيط في إيصال الخير الإلهيّ إلى محتاجيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الجمعة : ١١ ، وبألفاظ مقاربة ورد في : المائدة : ١١٤ ، الحجّ : ٥٨ ، المؤمنون : ٧٢ ، سبأ : ٣٩.
٢ ـ الأنعام : ١.
٣ ـ النساء : ١.
٤ ـ المائدة : ١١٠.
٥ ـ مفردات غريب القرآن : ١٥٧.
٦ ـ المؤمنون : ١٤.