ثمَّ يشفع الدعاء بعد ذلك بالثناء على محامده تبارك وتعالى وعظيم صفاته ، فيصفه بالكرم والحلم ، والأحكميّة والستر ، وعظيم المغفرة ، وبعلمه المطلق للغيب ، ليطرق بابه تعالى طالباً العفو والمغفرة والإقالة ، وكأنّ لسان حاله يقول : اللهمّ أنت الربُّ وأنا المربوب ، وأنت الخالقُ وأنا المخلوق ، وأنت المالكُ وأنا المملوك ، وأنت المعطي وأنا السائل ، وأنت الرازق وأنا المرزوق ، وأنت القادر وأنا العاجز ، وأنت القويّ وأنا الضعيف ، وأنت المُغيث وأنا المستغيث ، وأنت الدائم وأنا الزائل ، وأنت الكبير وأنا الحقير ، وأنت العظيم وأنا الصغير ، وأنت المولى وأنا العبد ، وأنت العزيز وأنا ال ذليل ، وأنت الرفيع وأنا الوضيع ، وأنت المدبِّر وأنا المدبَّر ، وأنت الباقي وأنا الفاني ، وأنت الديّان وأنا المُدان ، وأنت الباعث وأنا المبعوث ، وأنت الغنيّ وأنا الفقير ، وأنت الحيّ وأنا الميّت ، تجد مَن تعذّب يا ربِّ غيري ، ولا أجدُ مَن يرحمُني غيرَك (١).
الستر : كما أسلفنا هو التغطية على الذنب والعيب ، وهو من الأخلاق الفاضلة المندوب إليها عقلاً وشرعاً ، وأعظم الساترين على ذنوب العباد ومعاصيهم هو الله سبحانه ، وقد وصفه الإمام السجّاد عليه السلام هنا بأنّه تعالى خير الساترين ، ونحن مأمورون بالتخلّق بأخلاق الله سبحانه وتعالى ، فقد ورد عن معاوية بن وهب قوله : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول : إذا تاب العبد المؤمن توبةً نصوحاً ، أحبّه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة ، فقلت له : وكيف يستر عليه؟ قال : يُنسي ملَكَيه ما كتبا عليه ، وأوحى إلى جوارحه : اكتمي عليه ذنوبه ، وأوحى إلى بقاع الأرض : اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب. فيلقى الله حين يلقاه وليس شيءٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ بحار الأنوار ٩٩ : ٢١ ـ ٢٢ / ح ١٠.