تَهبَ لي في هذه اللّيلَة وفي هذه الساعَة ، كلَّ جُرمٍ أجرَمتُه ، وكلّ ذَنبٍ أذنَبتُه ، وكلَّ قَبيحٍ أسررتُه ، وكلَّ جَهلٍ عَمِلتُه ، كَتَمتُه أو أعلنتُه ، أخفيتُه أو أظهَرتُه ، وكلَّ سيّئةٍ أمرتَ بإثباتِها الكرامَ الكاتبينَ الذينَ وَكّلتَهم بِحِفظِ ما يَكونُ منّي ، وجَعلتَهم شُهوداً علَيّ مَع جَوارِحي ، وكنتَ أنت الرقيبَ علَيَّ مِن ورائِهم ، والشاهدَ لِما خَفِيَ عنهم ، وبرحمتِك أخفيتَه ، وبِفَضلِكَ سَتَرْتَه (١).
ونحن مأمورون بستر عيوب المؤمنين وإخفائها لئلّا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، وهذا من الأحكام الأخلاقية التي أمر بها الشارع المقدّس للحفاظ على كرامة المؤمن ، وصون الأعراض ، وحقن الدماء ، وهذه الفضيلة السلوكيّة يترتّب عليها الثواب الكبير الموعود من قبل الله سبحانه وتعالى.
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : مَن ستر على مسلمٍ ستره الله في الدنيا والأخرة (٢) ، وقال صلى الله عليه وآله : لا يستر عبدٌ عيبَ عبدٍ إلّا ستره الله يوم القيامة (٣).
وعنه صلى الله عليه وآله : لا يرى امرؤ من أخيه عورة فيسترها عليه إلّا دخل الجنّة (٤).
وهناك شريحة كبيرة في هذا المجتمع لا هَمَّ لها إلّا طلب عثرات المؤمنين وإحصاؤها وإشاعتها ، تعبيراً عن مخابئ العداوة والحسد والنقوص النفسيّة والبعد عن الله ، وليعلم هؤلاء أنّ عملهم هذا من الكبائر التي أوعد الله عليها النار ، إذ هي من مصاديق التجسّس وإشاعة الفاحشة ، وقد قال الله تعالى فيه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٤٤ / ح ٩١٠ ، إقبال الأعمال ٣ : ٣٣٦.
٢ ـ جامع السعادات ٢ : ٢٧١.
٣ ـ نفسه ٢ : ٢٧١.
٤ ـ نفسه ٢ : ٢٧١.