١ ـ الوجود ٢ ـ التدبير.
وملك الإنسان لنفسه وأعضائه على نحو الحقيقة ، وملكه لغيره على وجه الاعتبار ، يقع في طول الملك الحقيقيّ لله سبحانه ، إذ الله يملك الإنسان وما ملك.
فلو قلنا : إنّ زيداً يملك عبداً ، وهذا العبد يملك أرضاً ، فهؤلاء كلّهم ملك لله تعالى ، وإن مَلك بعضهم بعضاً ، قال تعالى : (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (١) ، وقال سبحانه : (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) (٢).
والملك الذي يناله الإنسان بالتمليك من الله سبحانه هو نعمة وموهبة وفيض إليهّ بحدّ ذاته ، لأنّه محض خير وبركة يعمّ نفعها الفردَ والمجتمع ، أمّ لو وقعت هذه النعم في أيدي الظالمين والفاجرين والغاصبين فستكون مذمومة ، بل تكون نقمة ، وذلك بفعل الإنسان ، والمسألة تتعلّق بمسائل الابتلاء والفتنة والامتحان.
قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّـهُ الْمُلْكَ) (٣).
على أنّ هناك فوارق كبيرة بين ملك الله وملك البشر ، فالله سبحانه هو المالك على الإطلاق ، وله حقّ التصرّف المطلق في مخلوقاته ، وهذا التصرّف مستند إلى ذاته المتعالية المقدّسة وإرادته من دون مانع أو تأثير خارجيّ. وليس هناك إنسان له القابليّة على التصرّف في الموجودات إلّا بالإذن الإلهيّ.
والملكيّة الإلهيّة لا تخرج عن يده وسطوته تعالى ، سواء كانت في يد الإنسان ، أم بعد خروجها من يده بالموت والانتقال بالمعاملات ونحوها ، أمّا الإنسان فيملك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الحديد : ٧.
٢ ـ البقرة : ٢٥٥.
٣ ـ البقرة : ٢٥٨.