في طريق السعادة ، وكانت مُنْصَبِغةً بصبغة الولاية الإلهيّة فتقرّب الإنسان إلى الله زلفى ، وأمّا إذا وقعت في طريق الشقاء وتحت ولاية الشيطان فإنّما هي نقمة وليست بنعمة ، والآيات في ذلك كثيرة (١).
إنّ الكثير من النعم والأموال والأولاد والعطايا الإلهيّة التي تحت يد الإنسان ليست ملكاً حقيقياً له ، بل هو مخوّل بالتصرّف فيها وفق الضوابط والموازين الشرعيّة ، وكثيراً ما تبعث هذه الأموال والنعم الغرور في نفسه ، وتركّز الآمال العريضة عنده ، وتلهيه عن ذكر الله ، وتصدّه عن قبول الحقّ ، وتبعث الخيالات الفاسدة في ذهنه ، فيتصوّر أنّه يملكها وأنّها قادرة على أن تعصمه من أمر الله.
والواقع أنّ هذه الأموال قد تكون وبالاً عليه إذا أساء التصرّف فيها ، ولم يدفع الحقّ الشرعيّ المتعلّق بها ، وقد تكون عرضة للزوال في لحظة واحدة.
بعد هذه المقدّمة نقول : إن الربّ هو المالك الذي يدبّر أمر مملوكه ، وفيه معنى المُلك ، وقلنا : إنّ الملك نوعان : الملك الحقيقيّ ، والملك الاعتباريّ فكلّ ما تقع عليه أيدينا من الأعيان والأولاد والأزواج وغيرها هو من الملك الاعتباريّ.
فنحن نتصرّف فيه بالتخويل والتسليط والتمكين ، وهذه الأشياء غير قائمة بنا ، فلو امتلك الإنسان بستاناً فهذا ملك اعتباريّ لقيام ذلك البستان بنفسه مستقلّاً عن المالك ، أمّا لو قلنا : إنّ للإنسان رأساً وعيناً ويداً ورجلاً ، فهذه الأعضاء ليس لها وجود مستقلّ بذاتها ، بل هي قائمة بقيام الإنسان ، وهذا من الملك الحقيقيّ البشريّ. على أنّ هذا الملك يرجع في الحقيقة إلى الملك الحقيقيّ لله سبحانه ، وهو مفتقر إلى الله في أمرين :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ تفسير الميزان ١١ : ٨١.